فلسطين أون لاين

تقرير "رمضان السودان".. لا يحلو دون الحلو مر والويكة والسمرونا

...
رمضان في السودان (أرشيف)
السودان - غزة/ مريم الشوبكي:

يعرف عن الشعب السوداني أنه شعب مضياف، حيث تقام الموائد في الشوارع، والطرقات، في شهر رمضان، فيخرج الرجال يحملون صواني تحتوي على أطباق صنعتها ربة البيت، ويجلسون بجوار بعضهم، ويدعون إليها أي شخص مار لحظة آذان المغرب.

وتتميز الأطباق السودانية بنكهتها المميزة والقوية، وكذلك مشروباتهم الرمضانية تدخل مرحلة تصنيع معقدة تستمر لأشهر قبل شهر رمضان، واللافت أن الذرة تدخل معظم الأغذية كالخبز، والشوربات، والمأكولات، والعصائر.

سيد المشروبات

وعن أشهر مشروب رمضاني تصنعه جميع العائلات السودانية، تحدثنا نادية حسان المقيمة في العاصمة الخرطوم منذ 20 عامًا، عن الحلو مر أو الآبري الأحمر أو المر السوداني، يصنع من رقائق من الذرة الحمراء ذات سماكة متوسطة يتطلب إعدادها أيامًا وقد يصل إلى أسبوع، وتخضع لعمليات كثيرة إذ يضاف إلى الذرة بعد إنباتها (الزرِّيعة) عددًا من التوابل والثمار تشمل: التمر، والزنجبيل، والقرفة، والكركدي، والعرديب، والكمُّون، وحبة البركة، وتختلف مقاديرها، وأنواعها من سيدة لأخرى.

وتخلط هذه المكونات مع طحين الذرة بماء فاتر؛ حتى تصبح عجينة متماسكة، تترك لأيام مُغطاة في إناءٍ حتى تختمر وتفور، ثم تُخبز في فرن بلدي في عملية طويلة وشاقة تُعرف بـ"العواسة"، وهكذا شطائر "الحلو مر" وتجفف، ثم تنقع بالماء لساعات حتى يصبح لونها أقرب إلى البُني، وتُصفَّى ويضاف إليها السكر حسب الرغبة والثلج، وهذا العصير اسمه "حلو مر".

وتشير إلى أن الحلو مر لا يستخدم في الشهور العادية إلا نادراً، ويعد مشروباً حصرياً لشهر رمضان، "ولربما هذا ما منحه قيمة روحانية ووجدانية في نفوس السودانيين، فأصبح كالمقدس لا تخلو منه مائدة أو بيت سوداني في شهر رمضان".

وتقول إن أهل الجنوب السوداني توارثوا هذه العادة الرمضانية منذ أزمنة بعيدة، وما زالوا يحافظون على الإرث حتى اليوم، فكما ينشغل الجميع بتخمير العرقسوس ونقع التمر والكركديه، يحافظ السودانيون على التجهيز لمشروبهم التراثي، لكنه تجهيز لا يقتصر على النقع أو التخمير، لكنه يحتاج شهرين إلى أربعة أشهر لزراعة المكونات قبل استخدامها في رمضان".

وتبين حسان لـ"فلسطين" أن عادة يصنع السودانيون خبز الكِسرة من الذرة ويتم تناوله مع الحساء، كما أن هناك العديد من أنواع العصيدة المشهورة، المصنوعة من القمح، كالدخون والتمر، حيث يتم مزجهم جميعاً مع الحليب، السكر والسمنة.

عصيدة وويكة

والعصيدة سيدة المائدة الرمضانية، وتذكر أن مكونها الأساسي عجين الذرة الرفيعة المخمَّر، وكوبَين من دقيق الذرة، يضاف إليها نصف ملعقة صغيرة ملح، وتوضع كلها في طنجرة على نار هادئة، ويتم تحريك الخليط باستمرار حتى يصبح متماسكاً وناضجاً، ويوضع في قوالب أو أطباق، ويسمى "عصيدة"، وتؤكل بإضافة أنواع من الإيدامات تُسمى بالتقلية، والنعيمية، والروب.

أما الويكة فهي أشهر طبق سوداني، وتصنعه النسوة بكثرة في شهر رمضان، أساسه البامية ولكن طريقتها تختلف كليًا عن أطباق البامية المعروفة في الأقطار العربية.

والمكون الرئيس لها هو البامية الخضراء أو مسحوق البامية الجافة واللحمة المجففة المسحوقة أو المفرومة واللبن الحامض ومعجون طماطم والفلفل الأسود.

وتشرح حسان طريقة إعداد طبق والذي يصنع من خضار البامية المجففة ويمكن أن يضاف إليها اللبن الرائب فيصبح الطبق ملاح روب، وإذا أضيفت إليه صلصة الطماطم يسمى ملاح نعيمية.

وتلفت إلى أن احدى الأطباق الشهيرة أيضا ملاح الـمفروك: وهو الذي تفرك فيه الخضروات بالمفراكة مع مكونات أخرى مثل البصل والزيت والتوابل، حتى تكون لزجة الملمس وتسمى في هذه الحالة لايوق، وهناك نوع آخر ملاح التقلية: وهو يصنع من اللحم المجفف الذي يعرف أو القديد المضافة إليه صلصة الطماطم.

و"أم فتفت" هي من الأطباق الشهيرة أيضا، تشير إلى أنها تتكون من قطع المعدة أو كرش الخروف، أو العجل وتؤكل نيئة بعد تنظيفها وإضافة قطع من الكبد إليها ورشها بالليمون والفلفل الحار.

أما الحلويات السودانية، فأشهرها "سمرونا"، وتذكر حسان أنها تتكون من السمن، والدقيق، والسكر وتشبه البسبوسة في الطعم، وهناك حلوى أخرى مديدة الحلبة تتكون من بذور الحلبة المطحونة مع السمن، والماء، والحليب كذلك مع إضافة الكاسترد أو استخدام الأرز المطحون حيث يذاب الاثنين أولا بالماء ومن ثم يقلبا على النار حتى يعطيا القوام المطلوب ولاحقًا يتم وضع السكر حسب ما يشتهيه الفرد ويقدم مع رش وجهه بالسمسم السابق تحميصه.