اغتيال المواطنين الثلاثة في جنين كان بمنزلة صب الزيت على النار. النار كانت مشتعلة قبل الاغتيال، والقلق يتجول في كل أرجاء فلسطين المحتلة، في الضفة والقدس وغزة وداخل الخط الأخضر، ثم جاءت عملية الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال الخاصة لتجعل القلق في أعلى مستوياته، وأعلى المستويات هو ما يكون قبل الانفجار، والتوجه لمعركة واسعة النطاق.
الجنرالان: يادلين وافنطال كتبا عن حالة القلق هذه داخل فلسطين المحتلة فقالا: (إسرائيل) تجلس على برميل بارود متفجر، ويجب على الحكومة تعزيز التواصل مع مصر والأردن ودول الخليج وتركيا لاحتواء الموقف ومنع الانفجار، ويستفاد من مقالهما أيضا أن هذه الدول كانت تجري اتصالات مع قيادات الفصائل لاحتواء الموقف، ومنع الانفجار في شهر رمضان المبارك، وربما حصلت على بعض ما تريد، ولكنها الآن بعيدة جدا عن هدف الاحتواء بسبب عملية الاغتيال التي وقعت في جنين، حيث خدعت (إسرائيل) هذه الأطراف ونفذت عملية اغتيال عنيفة وكبيرة!
قادة الفصائل في اجتماعات متوالية لتقييم وتقدير الموقف، وأخذ قرار مشترك، يحرم العدو من أمرين مهمين:
الأول: منع استفراد العدو بفصيل فلسطيني، وزرع الخلاف والفرقة بينه وبين الفصائل الأخرى. والثاني: حرمان العدو من أدنى فرصة لفرض معادلات جديدة على الوضع الراهن في غزة، كمعادلة العودة للاغتيالات، وإخضاع الجميع للتهديدات الساخنة.
ثمة قلق هنا وهناك، وثمة عقبات أمام عملية الاحتواء، وثمة مخادعة إسرائيلية تعمل على الفصل بين الفلسطينيين، أي بين غزة والضفة، وداخل الخط الأخضر، وعملية فصل أخرى بين الجهاد وحماس في غزة، وهذه الأمور تجري مسقوفة بتهديدات إسرائيلية، وحشد كتائب إضافية، إما للردع، وإما للهجوم والمباغتة، وهو ما يفرض على غزة مزيدا من الحذر، فقد يذهب العدو لمزيد من عمليات الاغتيال، إذا ما قرر تفجير الأوضاع، لكي تستعيد الحكومة والشاباك ثقة المستوطنين، الذين زادوا من القدح في الحكومة القائمة. هدف استعادة الثقة هدف كبير عند هذه الحكومة الهشة البنيان، وإراقة الدم الفلسطيني هو الطريق الأسهل أمامها.
إذا كانت غزة في حالة انشغال بالعبادة في شهر رمضان، فهذا الانشغال يستحق أن يكون مصحوبا بالحذر في الميدان، لأن الحذر أيضا من العبادة، لحماية الذات ومنع وقوع الأضرار. العدو يغدر بحكم طبيعته، فكيف به إن جُرحت هيبته قبل بداية رمضان المبارك؟! والأطراف التي تحاول الاحتواء ليس لها سلطان عليه. والأعمال الفردية المقاومة لا تستشير أحدا.