فلسطين أون لاين

على مدار 74 سنة

تقرير القوانين العنصرية الجائرة تُحكِم قبضتها على حياة فلسطينيي الداخل

...
تظاهرة في الداخل المحتل احتجاجاً على قوانين الاحتلال العنصرية بحقهم (أرشيف)
الداخل المحتل-غزة/ نور الدين صالح:

لم تتوقف الممارسات الإسرائيلية العنصرية ضد فلسطينيي الداخل المحتل منذ اندلاع أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، وتهجيرهم من بلداتهم الأصلية على أيدي العصابات الصهيونية، إذ ما زالوا يواجهون تلك التحديات بصمودهم وثباتهم على أراضيهم.

ومنذ ذلك الوقت، نغّصت سلطات الاحتلال حياة الفلسطينيين من خلال إصدار سلسلة من القوانين العنصرية التي طالت كل القطاعات الحياتية، ومصادرة الأراضي، بهدف تهجير العرب الذين تطلق عليهم (إسرائيل) مصطلح "الأقلية العربية"، وإحلال المستوطنين واليهود بدلًا منهم. 

فقد كان آخرها قانون "القومية" الذي سنّه الكنيست الإسرائيلي في 18 حزيران 2018، وينص على أن (إسرائيل) هي دولة قومية للشعب اليهودي وكذلك اسمها، رمزها ونشيدها، واعتبار اللغة العبرية هي الرسمية للدولة.

قوانين عنصرية

ويلغي هذا القانون حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجّروا منها عام 1948، معارضًا قرار 194 الذي أصدرته الأمم المتحدة، ويخالف كل القرارات الأممية بشأن وضع مدينة القدس، يلغي اللغة العربية كلغة رسمية.

وسبقه قانون "كمينتس"، الذي أقرّه الكنيست في 2 أبريل 2017، بالقراءتين الثانية والثالثة، في جلسة استثنائية، والذي بموجبه يسهل إجراءات هدم البيوت العربية بذريعة عدم الترخيص.

كما صدقت حكومة الاحتلال على تعديل قانون "مكافحة الإرهاب" في 15 حزيران 2016، الذي يُطلق العنان لأذرع أمن الاحتلال لقمع أي نشاطات احتجاجيّة شرعيّة ضد السياسات الإسرائيليّة، ويتيح استخدام الأدلّة السريّة لأجل منع هذه النشاطات.

وفي 20 تموز 2016، صدّق الكنيست الإسرائيلي على "قانون الإقصاء" الذي يستهدف النواب العرب دون سواهم، حيث يجيز إقصاء أي نائب توجه له تهمة التحريض على العنصرية أو دعم الكفاح المسلح ضد (إسرائيل)، في حال صدّق 90 عضو كنيست على الإقصاء.

في حين صدّق كنيست الاحتلال في 22 آذار 2011، على التعديل رقم (4) لقانون "النكبة"، الذي يسمح لوزير مالية الاحتلال بفرض الغرامات على مؤسسات تُموّلها الدولة، كالمدارس والجامعات والسلطات المحلية، إذا ما نظمت برامج يشار فيها إلى ما يسمى "يوم الاستقلال"، أو يوم "قيام إسرائيل"، كيوم حداد أو تنظم مناسبات تنفي تعريف (إسرائيل) كدولة "يهودية وديمقراطية"، وذلك للحيلولة دون إحياء الفلسطينيين ذكرى نكبتهم في عام 1948، وغيرها من المناسبات كيوم الأرض.

والقانون السادس هو "لجان القبول"، حيث صدّق كنيست الاحتلال على تعديل نظام الجمعيات التعاونية، في 22 آذار 2011، الذي يسمح للبلدات التي تضم أقل من 400 عائلة بتشكيل لجان لانتقاء المرشحين للسكن فيها، ورفضهم في حال كانوا "لا يتناسبون مع أسلوب الحياة الاجتماعي أو الثقافي للبلدة".

ويهدف القانون، على وجه الخصوص، إلى منع الفلسطينيين في (إسرائيل) من الانتقال إلى البلدات اليهودية في منطقتي النقب والجليل.

أما قانون "دائرة أراضي (إسرائيل)، فقد شرع الكنيست بهذا القانون في 3 آب 2009، الذي يؤسس لخصخصة واسعة للأراضي، معظم هذه الأراضي بملكية اللاجئين، الفلسطينيين ومهجري الداخل (التي تديرها الدولة تحت تعريف "أملاك الغائبين")، ويمكن بيع هذه الأراضي وفق القانون لمستثمرين من القطاع الخاص كما يُمكن استثناؤها من أي مطالب مستقبلية باستردادها.

وقد أصدرت حكومة الاحتلال قانون "منع لم شمل العائلات"، للمرة الأولى عام 2013، إذ يمنع بموجبه منح أي جنسية أو مواطنة لفلسطينيين ممن يقطنون في المناطق التي احتلتها (إسرائيل) عام 1967 والمتزوجين من فلسطينيين يعيشون داخل الأراضي عام 1948، حيث يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من حق لمّ شمل عائلاتهم.

ولم يقتصر الأمر على هذه القوانين، فقط أصدرت قوانين عدة عقب أحداث النكبة مباشرة، مثل "قانون الجنسية" لعام 1952، و"العودة" 1950، و"أملاك الغائبين" 1950، بالإضافة لعشرات القوانين الأخرى التي تستهدف الفلسطينيين، وتسعى للنيل من حقوقهم.

تمييز وإجحاف

يقول المؤرخ الفلسطيني من الداخل المحتل جوني منصور، إن الاحتلال يتعامل بتمييز وإجحاف مع فلسطينيي الداخل منذ النكبة الفلسطينية، معتبرًا أن إقرار قانون "القومية" جاء لخدمة الشخص اليهودي وتضييق الخناق على الفلسطيني.

وبيّن منصور لصحيفة "فلسطين"، أن قانون "القومية" أنزل من مكانة اللغة العربية وجعل العبرية هي الرسمية.

ولفت إلى أن (إسرائيل) تغطي نفسها بالقوانين وتعتبر نفسها دولة قانون وديمقراطية، لكنها عكس ذلك على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن حوالي 25 ألف عائلة فلسطينية تعاني من قرار "منع لم الشمل".

ويستعرض منصور مجالات أخرى لممارسات تمييز حكومة الاحتلال بين اليهود والفلسطينيين، منها ما يتعلق بالميزانيات الموجهة للسلطات العربية مقارنة مع السلطات الإسرائيلية، التي تُظهر فرقًا شاسعًا، مما ينعكس سلبًا على تقديم الخدمات المطلوبة يوميًا للمجتمع في المدن الفلسطينية بالداخل.

وبحسب قوله، فإن هناك فرقًا شاسعًا أيضًا بين الميزانيات المخصصة لقطاع التعليم، إذ يتلقى الطالب اليهودي 3 أضعاف مخصصات الطالب العربي؛ ما يؤثر كثيرًا في مستوى الخدمات والتحصيل العلمي والإنجازات.

وفي مجال آخر يتعلق بقضايا الأرض والمسكن، أكد منصور أن وتيرة مصادرة الأراضي الخاصة بالفلسطينيين ارتفعت كثيرًا منذ عام 1948 وحتى اليوم، لافتًا إلى أن أعداد الفلسطينيين ازداد 11 مرة على مدار الـ 74 عامًا، مما يتطلب زيادة المساكن للفلسطينيين.

وبيّن أنه "في ظل ارتفاع أعداد السكان والحاجة للأراضي فإن (إسرائيل) لا توفر المساعدات اللازمة للفلسطينيين، في مقابل توفيرها لليهود".

وعلى صعيد العمل، ذكر منصور أن هناك مهنًا لا يستطيع الفلسطيني العمل بها تحت ذريعة إسرائيلية متعلقة بالأمن، مثل العمل بالصناعات الدقيقة.

أما في قطاع الصحة، فأكد منصور، أن هناك بعض التخصصات الطبية التي تقتصر على الأطباء اليهود دون الفلسطينيين.

وشدد على أن "الفكرة الأساسية التي يعمل من أجلها الاحتلال هي ضمان يهودية الدولة، عبر سلسلة من الإجراءات التعسفية وإصدار القرارات العنصرية التي يتم تنفيذها بوتيرة متسارعة".

إضفاء شرعية

ويعلق الناشط الحقوقي من الداخل المحتل خالد زبارقة، بقوله، إن "الممارسات العنصرية التي تنفذها (إسرائيلي) ضد العرب في الداخل تستند على أساس تعريفها كدولة يهودية".

وأوضح زبارقة لصحيفة "فلسطين"، أن (إسرائيل) تستخدم ذلك المصطلح من أجل إضفاء الشرعية لكل ممارسات التمييز العنصري والتضييق على الفلسطينيين، الذي تعتبرهم يشكّلون تهديدًا ضدها.

وبيّن أن (إسرائيل) أصبحت تمارس سياسات التمييز خلال السنوات الأخيرة وتحديدًا بعد سن قانون القومية، تحت غطاء سلطة القانون، لتنفيذ أهداف عنصرية، مشيرًا إلى أنها تنظر للعرب وفق منطلق المفاهيم التوراتية، في سبيل التضييق على الوجود الفلسطيني.

وذكر أن (إسرائيل) تنظر إلى ضرورة تخليص الأرض من أيدي الفلسطينيين هي فريضة توراتية، لتحويلها إلى أراضٍ يهودية بالكامل، مشددًا على أن "كل القوانين تندرج في سياق تمكين اليهود من إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين".

ولفت إلى أن سلطات الاحتلال تعتبر تكاثر الفلسطينيين يشكل تهديدًا ضد يهودية الدولة، لذلك تمارس التمييز العنصري والتضييق عليهم، منبّهًا إلى أنها تحارب رموز الهوية الفلسطينية سواء الدينية أو البشرية أو أسماء القرى والمدن.