فلسطين أون لاين

​الشهيد خالد نزّال.. الصرح الصامد بوجه التحريض الإسرائيلي

...
غضب شعبي تجاه إزالة السلطة لميدان الشهيد إرضاء للاحتلال
جنين- الجزيرة نت

لم ينصع الثائر خالد نزّال لقول شاعر الوطن محمود درويش "قف على ناصية الحلم وقاتل"، بل وقف على أرض الواقع وقاتل ليحيا حرا، فخلّده التاريخ قبل أن تخلّده عائلته ورفاقه في صرح شُيّد له مؤخرًا بمسقط رأسه بمدينة جنين شمال الضفة الغربية.

بعد عودتها من إبعاد (إسرائيل) القسري لها لسبعة وعشرين عامًا، جابت المناضلة ريما نزّال، زوجة خالد، مدنا وقرى فلسطينية، وكلما مرت على صرح أو نصب لشهيد أو أسير دونت ذلك في دفتر مذكراتها، وكأنها تعد لحلمها سلفا بأن يكون للثائر الزوج معلم يحكي قصة نضاله ويبقي على ذكراه حية.

لكن لهذا الحلم ما يكدره، فما أن أقيم الصرح منتصف يونيو/حزيران الماضي حتى جاء التحريض من أعلى الهرم بـ(إسرائيل)، فغرد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عبر حسابه على تويتر بأن الصرح يُمجد ما أسماه "الإرهاب" ويشجع على المزيد منه، ودعا الفلسطينيين لإزالته.

وكما هو قبل استشهاده قضّ الشهيد نزَّال مضاجع الإسرائيليين حيًا وميتًا، فصار اسمه يؤرقهم لا سيما إذا ما جيء على ذكر عمليات معالوت-ترشيحا والقدس وبيسان وغيرها الكثير التي نفذها وخططها الشهيد.

الشهيد المناضل

ولأسرة مناضلة، ولد الشهيد خالد القيادي بالجبهة الديمقراطية عام 1948 في بلدة قباطية جنوب جنين، فوالده الحاج أحمد نزّال قيادي بالعمل الفدائي في ثورة عام 1936، كما اعتقل الاحتلال وأبعد زوجة خالد وأشقاءه، وغادر هو أرض الوطن سرًا بعد أن طارده الاحتلال عامًا كاملًا.

تقول زوجته ريما: إن (إسرائيل) لم تسقط خالد من قوائمها، فاغتالته عام 1986 في العاصمة اليونانية أثينا بعد أن تصدر العمل المقاوم في الخارج سرا وعلنا، لكن الأخطر -تضيف- أن يُسقط فلسطينيا وأن يهدم الصرح بعد أيام من تشييده بأيد فلسطينية رضوخا للاحتلال.

وشكّل هدم صرح الشهيد حالة من الغضب انتابت الأهالي والجماهير المؤيدة للشهيد نزّال ولم تمهل البلدية كثيرا حتى أعادت بناءه ليقوم الاحتلال وبعد أيام قليلة بهدمه ثانية وسرقته خلال اقتحامه للمدينة قبل أن يبادر رفاقه مرة ثالثة ويعيدوا بناءه.

بدأ صرح الشهيد نزّال الذي لم يحظ بقبر له بأرضه ووطنه، شامخا بمساحته التي تفوق مئة مربع وسط شارع حيفا غرب جنين، وتميز أكثر بزيتونة ضربت جذورها بداخله وقد جُلبت هي وحجارته من مسقط رأسه ببلدة قباطية.

"في كل مرة يُزال فيها الصرح سنعيده"، يقول مسؤول الجبهة الديمقراطية في جنين جمال محاميد، وتؤكد ذلك زوجة الشهيد وعائلته التي أنشأت الصرح على نفقتها بنحو عشرين ألف دولار أميركي.

رفض الإملاءات

ويرفض محاميد "رضوخ بلدية جنين لإملاءات الاحتلال وضغوطاته" بإزالة الصرح بالمرة الأولى، وثمن استجابتها بإعادة تشييده مرة ثانية خاصة وأنهم تقدموا منذ عام 2011 لتشييده، وأن البلدية والمحافظة شاركتا في افتتاحه.

لكن البلدية ومن يوافقها الرأي في جنين برروا خطوتهم الأولى بإزالة الصرح بمنع المواجهات مع الاحتلال وسقوط الشهداء وحفاظا على مقدرات المدينة، مؤكدة مكانة الشهيد نزّال بالنسبة لها.

ويرى القيادي محاميد أن تحريض (إسرائيل) صار علنا وبكل صلف ضد الشهداء والأسرى بذريعة محاربة الإرهاب "لكن الأخطر منه هو الرضوخ لمطالبه".

اعتبرت زوجة نزّال، التي تشغل عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، طلب الاحتلال بإزالة الصرح مجحفا ويأتي في سياق تغيرات الوضع العربي والإقليمي وسعي الاحتلال لدمج قضية الشهداء والأسرى في إطار محاربة "الإرهاب"، داعية القيادة الفلسطينية لعدم القبول بذلك.

وقالت: "علينا ألا نميت القضية بأنفسنا ونساهم بطمس الرواية الفلسطينية باعتبارها رواية شعب تحت الاحتلال وأن مقاومته مشروعة".

ونشطت (إسرائيل) مؤخرا وخاصة بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التحريض محليا وعالميا على الرموز والمؤسسات الوطنية والمقاومين من الشهداء والأسرى الذين قطعت السلطة رواتب المئات منهم استجابة لتلك الضغوط.