فلسطين أون لاين

الباحثون عن الكرامة

كانت رسالة الكرامة الأولى في شهر مارس بتوقيع محمد أبو القيعان في ٢٢/٣/٢٠٢٢م، وجاءت الرسالة الثانية بتوقيع خالد اغبارية، وأيمن إغبارية في ٢٧/٣/٢٠٢٢م. كانت الأولى في النقب بطريقة مزدوجة: دهس وطعن، ولم يكن فيها سلاح. وكانت الثانية في الخضيرة شمالا واستخدم فيها الشهيدان بإذن الله السلاح. أوقعت الأولى (٤) قتلى وجريحين، وأهلكت الثانية قتيلين، ورمت عشر إصابات. وكان الفارق الزمني بينهما (٤) أيام.

حاولت قيادات عبرية تحليل الأحداث بالربط بينهما وخرجت بنتيجة أنها أعمال تمّ التخطيط لها، وأن رجال الشاباك الذين ينتشرون في الوسط العربي فشلوا في عملهم، فلم يتوقعوا ذلك، ولم يقدموا أدنى معلومة تحت الاحتمال، وهذا يعني في نظرهم أنه ثمة تخطيط جيد، وثمة فشل جيد أيضًا.

قديمًا قلنا: إن من يريد الموت لن تقف أمامه العوائق، فكيف بمن يطلب الموت شهيدًا، فلن تكشفه ردارات الشاباك وإن تمكنت من السيطرة على آخرين، أو تمكنت من دخول غرف نومهم. من يريد الشهادة يستدق فيخرج من نفق، أو يهبط من جبل، أو ينزل من غمام فلا يراه أحد، ولكنهم يرون نتائج أفعاله.

لست أدري دقة المعلومات التي تربط بين الحدثين، ولكن أسأل هل لهما علاقة بيوم الأرض، لذا كان الحدثان في النصف الثاني من شهر مارس؟! وأسأل أيضًا هل لهما علاقة بشهر رمضان المبارك، شهر الجهاد، فكانا في النصف الثاني من شعبان؟! ثم أسأل هل كان لهما علاقة بلقاء شرم الشيخ ولقاء النقب، لذا كان الأول مع شرم الشيخ، والثاني مع عشاء النقب الفاخر؟! لست أدري، ومن قال لست أدري فقد أفتى، وعلينا أن ننتظر ما يمكن أن تكشفه الأيام.

لست أدري ما تقدم، ولكني أكاد أدري أن ما حدث كان هو استجابة لطلب الكرامة الوطنية والدينية التي سكنت النفس الفلسطينية رفضًا للاحتلال، بغض النظر عن الجغرافيا، وعن الانتماء الحزبي، المهم أن الفلسطيني بحث عن كرامته في عام ١٩٤٨م، وما زال يبحث عنها في عام ٢٠٢٢م. وسيبقى خلفها حتى يظفر بها كاملة بعز عزيز أو بذل ذليل، يعز الله من يشاء ويذل الله من يشاء.

إن من يبحثون عن الكرامة لا ينتظرون الأوامر الحزبية، فقد تعوق الحزبية أحيانا حركة الكرامة، لذا لا أكاد أجد ربطا بين الحدثين، ولا بينهما وجهة حزبية، وإنما هما من أعمال أفراد يطلب كل منهم الكرامة في مظانها، حتى وإن كان الدهس والسلاح أداتها، المهم أن يظفر بها الفلسطيني حيا أو ميتا. هذا ما يجدر بالمحتل أن يفهمه، وهذا ما يجدر بالسياسي الوقوف عنده، مع العلم أن الباحثين عن كرامتهم هم شعب بكامله، لذا قالوا لما يحدث إخوة وأخوات. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.