في زمن تنقلب فيه المعايير، ويصبح فيه العدو صديقا، والأخ عدوا، يبدو من الطبيعي أن ينتخب الاتحاد البرلماني الدولي عضو الكنيست "آفي ديختر" ذو التاريخ الدموي مع الفلسطينيين، نائبا لرئيس لجنة مكافحة "الإرهاب".
صحيح أن العالم يعامل دولة الاحتلال باعتبارها "الطفل المدلل"، ويحابيها، ويتجاوز عن جرائمها لحسابات سياسية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، لكن أن يصل هذا النفاق للاحتلال إلى مستوى أعضاء البرلمانات التي تنطق باسم الشعوب الحرة، ويفترض أن تمثل ضمائرها الحية، فهذا لعمري أمر مقلق ومزعج في الآن نفسه!
السطور التالية ستكشف بعض المستور عن شخصية هذا الإرهابي القاتل "دختر"، لعلها تصل الى أولئك البرلمانيين الدوليين الذين منحوه أصواتهم كي ينخرط في مهامه الجديدة، ولعل أولاها أن يسلم نفسه للانتربول الدولي بسبب جرائمه الدامية بحق الفلسطينيين.
يعد ديختر أحد أقطاب حزب الليكود، ويمتلك سيرة ذاتية أمنية عسكرية طويلة، ولعل آخر المناصب التي تولاها ترؤسه للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وهي اللجنة الأخطر والأهم في الكنيست، كما تولى رئاسة جهاز الأمن العام -الشاباك في سنوات سابقة، ثم تقلد منصب وزير الأمن الداخلي، ووزيرا لحماية الجبهة الداخلية، ولعل القارئ الكريم يلاحظ أنها كلها مواقع عسكرية وأمنية بحتة، كما عاصر حقبة انتفاضة الأقصى، وعملية السور الواقي في الضفة الغربية، وعين مساعدا لرئيس لجنة الاستخبارات والخدمات السرية.
من المواقف الشهيرة لديختر ضد الفلسطينيين، أنه أشرف بنفسه على إحدى العمليات التي استهدفت قائد كتائب القسام إبراهيم حامد أواخر 2003، وأدّتْ لاستشهاد ثلاثة آنذاك، ومن أقواله المعادية "إذا لم تنفع القوة مع العرب، فسينفع المزيد من القوة"، وهو من ألح على شارون للإسراع في بناء الجدار العازل في الضفة الغربية، مع أنه لم يتردد في الاعتراف بمسئوليته عن جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين، حين زعم أنه "أغلق الحساب معه، حين أودعته مرة في السجن، وأخرى إلى القبر"، كما حاول في مارس 2009 منع بعض فعاليات "القدس عاصمة الثقافة العربية"، وطالب بإعادة وضع البوابات الالكترونية أمام المسجد الأقصى.
صحيح أن انتخاب "ديختر" قد تم، وانتهى الأمر، وليس أمامنا سوى الاحتجاج، والتعبير عن الغضب، لكن ربما بدا من الأهمية بمكان تعريف هذه البرلمانات التي خانت ثقة ناخبيها، حين انتخبت هذا الإرهابي في موقع يكافح من خلاله "الإرهاب" المزعوم، ولا إرهاب يمكن الحديث عنه أمام ما يمارسه هذا الاحتلال من إرهاب الدولة المنظم ضد الفلسطينيين في وضح النهار، وأمام مرأى ومسمع كل العالم!