تشكل هيمنة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من (85%) من مصادر المياه في فلسطين، عقبة كبيرة أمام المزارعين ومربي الثروة الحيوانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما دفعهم إلى تغير الأنماط الزراعية وتقليل أعداد الحظائر ومزارع التربية، ما انعكس سلباً على السلة الغذائية للمواطنين الفلسطينيين.
وقال المزارع الخمسيني محمود أبو عواد من الضفة الغربية إن المياه عنصر رئيسي في العملية الزراعية، وتُعد من المصادر الشحيحة التي تواجههم، نظراً لتحكم سلطات الاحتلال بها.
وأضاف أبو عواد الذي يمتلك 6 دونمات زراعية أن المزارعين يحاولون الالتفاف على هذه العراقيل، عبر إقامة برك لتجميع مياه الأمطار داخل أراضيهم، مبيناً أن الاحتلال يمنع حفر آبار مياه جوفية في المناطق المصنفة (ج) ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للاعتقال والغرامة.
وأشار أبو عواد لصحيفة "فلسطين" إلى أن الاحتلال صادر آلاف الدونمات الزراعية لصالح إقامة مستوطنات عليها لأنه وجد أنها تقبع على آبار جوفية عذبة أو تقع بالقرب من ينابيع وعيون ماء.
وحث أبو عودة المؤسسات الدولية إلى مساعدتهم من أجل وقف تعدي الاحتلال على حقهم في الحصول على المياه، مشيراً إلى أن الاحتلال يغدق على مستوطناته في المياه ويمنعها عنهم مع أنهم حق لهم.
من جهته، أوضح مدير عام الإغاثة الزراعية، منجد أبو جيش، أن سلطات الاحتلال منذ العام 1967 وهي تحظر على سكان الضفة الغربية إنشاء آبار جوفية في المناطق (ج).
وأضاف أبو جيش لصحيفة "فلسطين" أن عراقيل الاحتلال أمام وصول المزارعين والمربين لمصادر المياه دفع بهم إلى تغير الأنماط الزراعية النباتية والحيوانية، مبيناً أن كثيرًا من المزارعين ابتعدوا عن زراعة المحاصيل التي يتطلب نموها مياه كبيرة مثلما يحصل في الأغوار حيث تقلصت مساحات الحمضيات، والموز بعد أن كانت الأغوار مصدرًا كبيرًا لتلك المنتجات.
وذكر أبو جيش أنه بسبب هيمنة الاحتلال على مصادر المياه فإن مزارع تربية اللحوم الحمراء والبيضاء أضحت محدودة جداً، حيث يقف الاحتلال بالمرصاد أمام المراعي أو أية مشاريع تصلح لتربية الثروة الحيوانية للفلسطينيين فيسارع في مصادرة الأراضي أو يمنع الوصول إلى المياه.
من جهته، أكد الاختصاصي الاقتصادي د.نور الدين أبو الرب على أن سلطات الاحتلال لا تعدم أي وسيلة في سبيل سرقة الحق الفلسطيني، فسرقة المياه ليست وليدة اللحظة، وإنما تندرج في إطار ممنهج للهيمنة الإسرائيلية على غالبية مصادر المياه في فلسطين، بل أنه يقوم ببيع المياه المسروقة للفلسطينيين.
وبين أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال تعمد منذ سيطرته على فلسطين أن يهمين على الأراضي التي تحتضن مياه جوفية أو تكون بها مسطحات مائية سواء عذبة أو مالحة، مشيراً إلى أن الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الوصول لمياه نهر الأردن المقدرة بنحو 250 مليون متر مكعب منذ عام 1967.
وحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني إن 20% من المياه المتاحة في فلسطين يتم شراؤها من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" حيث وصلت كمية المياه المشتراة من الشركة الاسرائيلية للاستخدام المنزلي 90.3 مليون م3 عام 2020.
ونتيجة سيطرة الاحتلال على أكثر من 85% من مصادر المائية الفلسطينية فإن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه أقل من الحد الأدنى الموصى به عالمياً حسب معايير منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر في اليوم.
ولفت أبو الرب إلى أن إقامة سلطات الاحتلال مصائد للمياه المغذية للخزان الجوفي في قطاع غزة بسحب جائر للخزان ما رفع نسبة ملوحة مياه البحر فيه.
وحسب جهاز الإحصاء بلغت كمية المياه المستخرجة من الحوض الساحلي في قطاع غزة 190.5 مليون م3 خلال العام 2020، وتعتبر هذه الكمية ضخاً جائراً، حيث يجب ألا تتجاوز 50-60 مليون مترا مكعبا في السنة، الأمر الذي أدى إلى نضوب مخزون المياه إلى ما دون مستوى 19 متراً تحت مستوى سطح البحر، كما أدى إلى تداخل مياه البحر، وترشيح مياه الصرف الصحي إلى الخزان، الأمر الذي جعل أكثر من 97% من مياه الحوض الساحلي غير متوافقة مع معايير منظمة الصحة العالمية.