تحية نادرة لجامعة الدول العربية. قليلا ما شكر العرب الجامعة العربية. في هذه المرة أرى أنها تستحق التحية. الجامعة العتيدة اجتمعت مؤخرا لدراسة موضوع الحرب في أوكرانيا، والموقف الذي يجدر أن تتبناه دولها وتلتزم به. الجامعة بعد نقاش مستفيض خرجت ببيان محايد: العرب مع الحلول الدبلوماسية ووقف الحرب، والعرب ليسوا مع طرف من أطراف الصراع.
هذا الموقف يستحق التحية، دول الجامعة العربية ليسوا مع أميركا والغرب وأوكرانيا بالرغم من الضغوط السياسية وضغوط المصالح. وهم ليسوا مع روسيا ضد أوكرانيا والغرب، وهو موقف يتفهم مصالح العرب مع روسيا. جيد.
الحرب إذا ليس لعرب فيها ناقة ولا جمل كما يقولون في الأمثال. وهم في الوقت نفسه، وهذا لا يخفى، ليس لهو وزن كبير مؤثر في معادلة الصراع. من يعرف حجمه، ويعمل لخدمة مصالحة أولا يقف محايدا خارج سياق الحرب، ولا بأس من الدعوات الطيبة للمفاوضات، ووقف القتال، والرعاية الإنسانية.
لا يوجد أمام جامعة الدول العربية موقف آخر، أو بديل لموقف الحياد، وتحمل الضغوط، والدعوة للمفاوضات. هذا موقف حكيم، شذت عنه الدولة السورية التي ذهبت نحو تأييد روسيا، وأسباب الموقف السوري معروفة عربيا وعالميا.
إنه إذا كانت للحرب تداعيات محتملة على دول الجامعة العربية، وهو موضوع تحت المراقبة والدراسة، فإن موقف الحياد يساعد على تخفيف وطأة هذه التداعيات، واعتقد أن تخفيف تداعيات الحرب على البلاد العربية جدير أن يكون مركز اهتمام جامعة الدول العربية، وكذا سياسة كل دولة منفردة .
الدول العربية الآسيوية ليست بعيدة جغرافيا عن تأثيرات الحرب الأوكرانية، والمصالح الاقتصادية لجل الدول العربية مع روسيا وأوكرانيا كبيرة، ومصر الدولة الأولى عالميا لاستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، وبسبب الحرب تتراجع كمية الوادرات، ومن ثمة ترتفع الأسعار، والسوق البديل مشكلة متعددة الجوانب، لذا فإن مصالح الدول العربية في موقف حيادي، وحياد إيجابي يدعو للمفاوضات والسلام.
الموقف الفلسطيني هو مع موقف الجامعة، ولا يخرج عنها، ولا ينبغي له أن يخرج عنها، ويبدو أن فصائل المقاومة أيضا منخرطة في هذا الموقف بدون استشارة، إذ ليس لفلسطين ناقة ولا جمل في هذه الحرب، ويجدر بفلسطين أن توظف ما يجري عالميا لصالح فضح العدوان والاحتلال الإسرئيلي، وفضح تعدد المكاييل الغربية والأميركية. الحرب في أوكرانيا تعنينا في تجريم الاحتلال الإسرائيلي، وهذا في حد ذاته هدف جيد.