فلسطين أون لاين

"مَنع الأذان".. يُضفي سمة غير إسلامية على القدس

...
غزة- هدى الدلو


يسعى الكنيست الإسرائيلي سعيًا حثيثًا لتطبيق قانون منع الأذان في مساجد المدينة المقدسة عبر مكبرات الصوت، بزعم أنها تُسبّب الإزعاج والضوضاء للمستوطنين، لتشهد المدينة حملة تهويدية من نوعٍ جديد في إطار السعي لفرض واقع جديد على المدينة وسكانها، ومحاولة تقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا، فقرارٌ كهذا اعتداء صارخ على حقوق المسلمين في المدينة المقدسة.

فما عواقب وتداعيات منع الأذان في المدينة المقدسة من الناحية الشرعية؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

يقول د. زياد مقداد الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية: "الأذان يُعد شعيرة من أهم الشعائر عند المسلمين، كونه مرتبطًا بأهم ركن من أركان الدين الإسلامي الحنيف وهي الصلاة والتي هي عمود الدين كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم".

وأوضح أن الأذان هو إعلام الناس بمواقيت الصلوات حتى يؤدوا الصلوات المكتوبة عليهم في وقتها وأمكنتها، لقوله تعالى: "إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"، فمهمته الأساسية أن يوضح للناس هذه المواقيت التي تبدأ بها الصلوات الخمس، والتي فرضها الله من فوق سبع سنوات".

وأشار مقداد إلى أنه إضافة إلى ذلك أن الأذان هو السمة الظاهرة التي تميز الديار والمجتمعات المسلمة عن غيرها، كما أنه يشمل التكبير والشهادة التي هي ذكر لله، وشهادة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتذكيرًا للناس.

وأضاف: "كما أن للأذان في المدينة المقدسة معنى إضافيًا نظرًا لقدسية المكان الذي أُسري إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وعَرَج منه إلى السموات العلا، وفُرضت فيه الصلاة من خلال رحلة الإسراء والمعراج".

وتابع مقداد حديثه: "لذلك فإن قرار منع الأذان في بيت المقدس عدوانٌ على حقوق المسلمين في إقامة شعائرهم الدينية، ومنعه في القدس جريمةٌ أكبر من منعه في أي مكان آخر، باعتباره من الأماكن المقدسة بعد الحرم المكي والمدني من حيث الشرف والمكانة والقدسية".

وبين أن هذا القرار من أكبر الجرائم التي اقترفها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدينة المقدسة، وبذلك ينطبق عليهم قوله تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"، فهو تجاوزٌ لكل الخطوط الحُمر.

ونوه مقداد إلى أن منع الأذان في القدس له تداعيات خطيرة من ناحية شرعية، وخاصة أن اليهود أصبحوا لا يرقبون في المسلمين إلًّا ولا ذمة، فهم يسعون إلى شيء أكبر من ذلك، فتلبية نداء الله هو بمثابة اجتماع المسلمين لأداء الصلاة، وهو ما لا يريدونه، كما يريدون أن تصبح المدينة سمتها سمة غير إسلامية.

وأكد أن المسألة ليست مسألة انزعاج، بل هي أبعد من ذلك، فهم يريدون أن يثبتوا للعالم أن القدس مدينةٌ غير إسلامية من خلال تغييب ملامحها، كما يسعون إلى أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ومسح المعالم الإسلامية تمامًا, ويسعون أيضًا إلى تهويدها وحفر الأنفاق أسفل منها ليحققوا أحلامهم المزيفة.

ولفت مقداد إلى أن ذلك لا يعني التسليم وأن يقف المسلمون موقف المتفرج، بل عليهم أجمع أن يهبّوا هبّة رجل واحد، ويستنكروا القرار ويعملوا على منع تمرير القرار الإجرامي الظالم.