بضع كلمات نشرها ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي نقلَتها مع بعض البهارات صحيفة لبنانية لزوم البربوغندا الإعلامية، بيد أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تلقفتها بشغف، فالأمر يتعلق بجنود إسرائيليين أسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة المحاصرة.
وبدأ الإعلام الإسرائيلي يبث أخبارًا ويرسم سيناريوهات عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس والاحتلال لإنجاز صفقة تبادل جديدة، حتى أن بعضهم حدد الوسطاء كالمخابرات المصرية أو مبعوث الأمم المتحدة ميلادينوف أو قطر أو غيرهم.
جهات كثيرة تدخلت لدى حركة حماس للبحث واستكشاف المواقف وبعضها للمناورة حول حقيقة ما بحوزة حماس من الأسرى، أحياء أو أمواتًا، وظني أن مفاوضات حول صفقة تبادل لم تبدأ بعد!!، وهو ما أكده لاحقًا وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان.
حماس وقادتها يفهمون القصة جيدًا، فالصمت كان العنوان، وعلى الاحتلال أن يفسر طبيعته وأسبابه ودوافعه. إسماعيل هنية رئيس حماس أشار إلى الأسرى في أول خطاب له بعد توليه رئاسة المكتب السياسي بالقول: "إن تحريرهم بات أقرب من أي وقت مضى".
ثلاث سنوات وزعماء الاحتلال يحاولون بطرق متعددة جس نبض حماس وإطلاق بالونات اختبار وتبييض أخبار مختلقة وبث إشاعات وقصص مفبركة لجر حماس إلى مربع الحديث حول قضية الأسرى لكنهم لم يفلحوا، موقف حماس واضح وعبر عنه رجالها مرارًا وهو قبل الجلوس للتفاوض لا بد من إطلاق سراح كل الأسرى الذين اعتقلهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم في صفقة وفاء الأحرار، كذلك الأسرى الأطفال والنساء.
حماس لا زالت تصر على الصمت، وتدرك أهداف من سرّب وجود مفاوضات صفقة، وديدنها لا معلومات مجانية، وعلى الاحتلال أن يدفع ثمن كل معلومة فلا أحد يعرف بحق هل الأسرى أحياء أم أموات؟ وكم؟ وأين؟ ولماذا؟ وكيف؟ كل ذلك يحدث وكل وسائل الأمن والمخابرات في الكيان الإسرائيلي وعناصر التنسيق الأمني، ومخابرات إقليمية ودولية، تعمل ليل نهار للوصول إلى أي معلومة حول الأسرى الإسرائيليين.
الجانب الإيجابي فيما حدث قد يكون أنه حرك المياه الراكدة، وأثار القضية في وسائل الإعلام التي خضعت للساسة الإسرائيليين وقلما تتحدث عن جنودها الأسرى، وربما يكون رئيس الحكومة نتنياهو غض الطرف عن إثارة القضية كونها تصرف النظر قليلًا عما يواجهه من فضائح وفساد واستدعاء من قبل الشرطة الإسرائيلية.
من الواضح أن الجمهور الإسرائيلي لم يقم بأي جهد لمساعدة عائلات شاؤول وغولدن ومانغستو وربما غيرهم، في الضغط على حكومتهم للإفراج عن الأسرى، وطالما هم كذلك فالمعاناة يبدو أنها ستستمر.
على قادة الاحتلال أن يدركوا جيدًا أنهم يتعاملون مع نموذج جديد من المفاوض الفلسطيني، يتميز بالصلابة والقوة والسرية البالغة والوعي والنفس الطويل والثقة بالنفس فقد استغرق أسر شاليط 5 سنوات ولا زلنا في الشوط الأول من المباراة الحالية.