حتى اللحظة لم يستوعب المستوطنون ولا الكيان الإسرائيلي كله ما أصابهم في معركة سيف القدس، فقلوبهم مملوءة بالحقد الممزوج مع الرعب الشديد، وما اعتداءاتهم المتكررة على حي الشيخ جراح والمقدسات الإسلامية إلا للتعبير عن رفضهم لنتائج معركة القدس وهزيمتهم فيها رغم أن جرحهم لا يندمل ورعبهم من عودة صواريخ المقاومة لا يفارقهم.
المستوطنون وجيش الاحتلال يريدون أن يوصلوا رسالة بأن سيف القدس لم يردعهم والدليل أنهم مستمرون في جرائمهم، ولكن إعلامهم يفضحهم وقادتهم يقرون بالهزيمة، حتى إن صحيفة عبرية اعترفت بأن المحاكم الإسرائيلية خضعت للاحتلال "الأردني" ورفضت البت بقضايا من يحاولون تهجيرهم، يقولون إن محاكمهم خضعت للاحتلال الأردني لأن ألسنتهم وقلوبهم لا تقوى على الاعتراف بأن كيانهم ومحاكمهم خضعوا للمقاومة الفلسطينية لقوة ضرباتها ولجدية تهديداتها، وإلى جانب الاعترافات الصادرة عن كتابهم ومفكريهم هناك تحذيرات متكررة من قادة الاحتلال بأن ما يفعله المستوطنون في القدس ليس في صالح دولة الاحتلال مطلقًا، وأنه قد يؤدي إلى معركة جديدة مع المقاومة في غزة، ويعترف المحتل الإسرائيلي بأنه غير مستعد لمعركة جديدة، وخاصة -وهذا رأيي- أنهم اكتشفوا أن الجدار الذي تم بناؤه وكلف المليارات لم يمنع شباب المقاومة في غزة من اختراقه وحرق مركباتهم وإثبات عدم جدواه، وأنه مجرد فشل جديد يضاف إلى قائمة الإخفاقات لدى العدو الإسرائيلي.
الأقلية المتمسكة بأوهام السلام واتفاقية أوسلو من أبناء شعبنا يستغلون جرائم الاحتلال في القدس للدلالة على أن المقاومة فشلت في ردعهم، أي إنهم يريدون إثبات أن الحل ليس بالمقاومة، ولكن فقط بالاستجداء ومخاطبة المؤسسات الدولية والتهديدات الأشد عبثا من المفاوضات أو بوضع شعار "أنقذوا حي الشيخ جراح" على شاشة فضائية "فلسطين".
أنا أعتقد أن المناطق المحتلة تشتعل وما العمليات المستمرة والمتصاعدة في الضفة الغربية والقدس ضد الاحتلال إلا دليل على أن المقاومة في حالة انبعاث ونهوض، وقد نكون على أبواب مرحلة ساخنة من المواجهة سواء كانت انتفاضة أو هبة جماهيرية فلسطينية، ولكن الحرب شيء مختلف ولها حساباتها ووقتها الذي تحدده فصائل المقاومة في قطاع غزة، ولا تأتي الحرب مطلقا كردة فعل عابرة ولا من أجل إثبات ما تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي ولا حتى من أجل إثبات خطأ ما يقوله قادة المنظمة، ولكن الحرب ذاتها غير مستبعدة إذا تجاوز الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه الخطوط الحمراء.