- العالول: إلغاء دورها بدأ بإغلاق أبوابها أمام الممثلين الحقيقيين للشعب في الداخل والخارج
- عرابي: أي عملية إصلاح للمنظمة ستعيد القضية لبعدها التحرري
بعد مسار طويل من الإخفاقات السياسية لقيادة منظمة التحرير، بدءًا من توقيع اتفاق "أوسلو"، وتعطيل تحقيق المصالحة، ورفض الشراكة الوطنية، وصولًا لرفض إصلاح مؤسسات المنظمة وإغلاق الباب أمام استيعاب طاقات وكفاءات الشعب في الداخل والخارج، أصرّ رئيس السلطة محمود عباس وفريقه على عقدِ اجتماع المجلس المركزي دون توافقٍ في السادس من فبراير/شباط.
وفي غمرة تغييب الدور الوطني للمنظمة، مضى عباس وفريقه في السقوط في وحل أوسلو، وأصبح حضورها شكليًّا فقط، رغم أنّ السلطة مسؤولةٌ قانونًا أمام منظمة التحرير التي باتت جسمًا يُستخدم فقط للمصادقة على القرارات وتشريع التنازلات والتفرُّد، وفق مُحلّلين سياسيّين تحدّثوا لصحيفة "فلسطين".
ويرفضُ فريق "أوسلو" إصلاح المنظمة أو إعادة بنائها، لأنها تريد وفق الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، السيطرة على المنظمة والإبقاء عليها بمنطقٍ استخداميٍّ لتشريعِ التنازلات، ولا يريدها أن تعكسَ موازين القوى للشعب داخل أُطُرها ومؤسّساتها من خلال الانتخابات.
وقال عساف: "فلو حدث ذلك سيكون الفريق المُسيطر عليها معزولًا ولن تتجاوزَ نسبة تمثيله 10%".
ورغم إدراك قيادة المنظمة الحالية خطورة تحويلها لأداة في دوائر السلطة، يضيف عساف: أنّ السلطة تدرك ذلك لكنها تُغلّب مصالحها على المصلحة الوطنية، كما فعلت بعقد المجلس المركزي الأخير الذي فُصّل تفصيلًا ليحلّ بديلًا عن المجلسين الوطني والتشريعي، "وهذا يعني رفضها للشراكة والانفتاح على الشعب حتى لا تصبح معزولة".
إخراج من الصراع
لكنّ الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، يلفت إلى أنه بمجرد توقيع اتفاق "أوسلو" جرى إخراج قضايا متعددة من الصراع، فلم تخرج فقط فلسطينيّي الخارج بل أخرجت أيضًا فلسطينيّي الداخل المحتل وتحول الثقل السياسي من منظمة التحرير إلى السلطة، وفعليًّا حلّت الأخيرة بدلًا من المنظمة الأمر الذي انعكس على الأبعاد التمثيلية للمنظمة أولًا، وطبيعة الصراع مع الاحتلال ثانيًا بحسب مفاهيم قيادة السلطة.
وأضاف عرابي لصحيفة "فلسطين" أنّ القضية تحوّلت من عملية تحرُّر لـ"إدارة" انعكست على مسارات الصراع ومدى حضور فلسطينيّي الخارج في الصراع وهذا يصبُّ في مصلحة الاحتلال، ثمّ تحوّل المشروع الوطني التحرّري لمشروع دولة على حدود الـ 67.
وتابع: وتلا ذلك فشل هذا المشروع وأصبحت السلطة هدفًا قائمًا بحدّ ذاته، والتي كانت يفترض أن تعدّ لدولةٍ مُستقلة، إلّا أنه ثبت أنّ مشروع التسوية فشل.
وكون الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية مرتبطة بالاحتلال، فإنَّ عرابي يشير إلى أنّ قيادة الطبقة الحاكمة بالسلطة المستفيدة من الوضع القائم، ليست معنية بإصلاح المنظمة؛ لأنّ أيّ عملية إصلاح ستمسُّ بشروط وجود السلطة وتعيد القضية لقضية وطنية تحرّرية الأمر الذي يتعارض مع توجّهات الاحتلال كما سيخصم من مصالح الطبقة الحاكمة.
وأثار عباس حالة من اللّغط والشكوك في الساحة الفلسطينية بعد إصداره، مؤخّرًا، قرارًا مُفاجئًا بإلغاء دور منظمة التحرير وتحويل كلّ مُكوناتها لدائرة تابعة للسلطة بعد أن كانت منذ نشأتها الجامعَ لكلّ المؤسّسات بما فيها السلطة بحدّ ذاتها.
ويصف عُرابي القرار بأنه نوعٌ من احتكار العمل السياسي وهذا جزءٌ أساسيٌّ من الجدلِ الدائر بعد القرار الأخير بتحويل المنظمة لدائرة؛ "لأنّ عدم وجود حياة سياسية هو احتكارٌ".
إلغاء دور فلسطينيّي الخارج
ولم يكن إلغاء دور فلسطينيي الخارج من المنظمة وليد اللحظة، بحسب المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج زياد العالول، بل جرى ذلك منذ توقيع اتفاق "أوسلو" وتنازل المنظمة عن 78% من الأرض الفلسطينية.
واعتبر تنازل قيادة المنظمة عن الأرض الفلسطينية "عبارة عن موافقة على إلغاء حق العودة بالأخص للاجئين خارج حدود فلسطين المحتلة والبالغ عددهم حاليًا نحو سبعة ملايين لاجئ".
ويقول العالول: إن الاتفاق أسس للتنازل عن حق العودة وتهميش فلسطينيي الخارج، وعلى هذا الأساس اعترف الاحتلال بالمنظمة، وكانت تدعي التمثيل في البداية وتدريجيًا تقلص دورها إلى أن أصبحت هي السلطة، وجرى إلغاء دورها بعدما توقف عمل مؤسسات المنظمة بالخارج بعد "أوسلو" ولم يعد لها وجود، "وهذا ما جعلنا كفلسطينيين نفكر في السنوات العشر الأخيرة ماذا نقدم".
وتابع: كما بدأ إلغاء دور المنظمة بإغلاق أبوابها في وجه الممثلين الحقيقيين للشعب الفلسطيني من خارج إطار المنظمة كحماس والجهاد وفصائل أخرى، وتهميش فلسطيني الخارج الذين لا يوجد لهم تمثيل بالمنظمة، والعمل على إبعاد القوى الفاعلة عن دورهم، إلى أن وصل الأمر لانعقاد المركزي في السادس من فبراير/ شباط الماضي، "الذي أنهى المنظمة، بإقرار قانون اعتبرها دائرة من دوائر السلطة".
وأشار إلى أن تهميش المنظمة كان معمولاً به قبل الاجتماع الذي وضع قانونا هدفه إلغاء حالة التمثيل للفلسطينيين في الخارج والداخل بمعنى "إلغاء العنوان الأبرز للفلسطينيين".
ورغم أن ما فعلته السلطة يفقدها الشرعية على المستوى الدولي، ورغم إدراك العالم أن السلطة لا تمثل الشعب الفلسطيني، يلفت العالول إلى أن الاحتلال وأمريكا لا يريدان شرعية فلسطينية "وإنما سلطة حكم ذاتي وأجهزة تعمل على خدمة الاحتلال بمعزل عن المنظمة".
وختم العالول: بتفريغ المنظمة من أي قيادة فاعلة، استولت "عصابة" على كل مقدرات المنظمة وسيطرت على القرار الفلسطيني، منوها في الوقت ذاته، إلى أن فلسطينيي الخارج لا يعترفون بقيادة السلطة كممثل لهم وبالتالي تعزل قيادة السلطة نفسها عن الشعب وباتت تعرف أن ديمومتها مرتبطة باستمرار الاحتلال.

