في الوقت الذي رفضت فيه ما تسمى بالمحكمة العليا الإسرائيلية، استئنافًا قدمته عائلة الشهيد المقدسي محمد أبو خضير، لهدم منازل ثلاثة إرهابيين إسرائيليين أدينوا باختطاف وحرق ابنها حيًا، تواصل سلطات الاحتلال هدم منازل الفلسطينيين الأبرياء لا سيما في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، بذرائع واهية.
وأصدرت محكمة الاحتلال العليا برئاسة القاضي الياكيم روبنشتاين قرارها برفض الالتماس الذي تقدم به المحامي مهند جبارة في مايو/ أيار من العام الماضي، بعد تداولات أمام المحكمة استمرت على مدار أكثر من سنة.
ومن الواضح للعضو العربي في "الكنيست" مسعود غنايم، أن سلطات الاحتلال "القضائية" والسياسية على حد سواء، تنتهج سياسة لصالح اليهود، وضد العرب.
ويوضح غنايم لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال لم تهدم منازل الإسرائيليين الذين قتلوا الفتى أبو خضير، بحجة أن هدم البيت لا يتعلق فقط بالعملية الإرهابية التي نفذها هؤلاء الإسرائيليون، وإنما أيضًا بموقف عائلاتهم، إذا ما كانت مساندة لهم أم لا، "وهذه حجة واهية مرفوضة تريد تبرير التمييز الموجود بين العرب واليهود"؛ بحسب غنايم.
في المقابل، فإن سلطات الاحتلال ماضية في هدم منازل الفلسطينيين دون مبرر، بذريعة بنائها دون ترخيص، أو تنفيذ أحد الفلسطينيين عملية فدائية لمقاومة الاحتلال.
ويصف غنايم، هدم منازل الفلسطينيين بأنها "عملية إجرامية بالدرجة الأولى"، مضيفا: "نشاهد كل أسبوع تقريبا هدم البيوت العربية الفلسطينية".
ويلفت إلى أن حكومة الاحتلال تعتبر أن "كل فلسطيني وبيت فلسطيني هو تهديد لها، وعلى أتفه الأسباب تقوم بهدم هذه البيوت".
ويتفق غنايم مع فكرة أن هدم البيوت الفلسطينية يرمي بالأساس إلى تهجير أصحابها، موضحًا أن من أهداف الاحتلال محاولة التخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين في الداخل المحتل سنة 1948م.
ويتابع بأن حكومة الاحتلال "لطالما رأت الفلسطيني عقبة أمام تحقيق (ما يسمى) دولة يهودية نقية".
من جهتها، تؤكد الباحثة القانونية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إيناس زايد، أن حماية سلطات الاحتلال، الإرهابيين الذين قتلوا الطفل أبو خضير، هو إمعان في انتهاك حقوق الإنسان بشكل عام والفلسطيني على وجه الخصوص.
وتوضح في مقابل ذلك، أن سلطات الاحتلال مستمرة في سياسة هدم منازل الفلسطينيين وهو ما يمثل "كارثة إنسانية"، لا تنبع من قرار قضائي، بل من السياسة العامة لـ(إسرائيل).
وتلفت إلى أن هدم المنازل الفلسطينية "إنما هي سياسة لطرد ونفي أصحابها بحيث لا يكون لهم أي مسكن أو ملجأ وبالتالي يضطرون لمغادرة المنطقة وربما البلاد أيضًا".
"لكن نحن نقول من ناحية حقوقية: إن كل هذه الممارسات خاصة في الضفة حيث تفرض (إسرائيل) سلطتها هي باطلة وغير مستندة للقانون قطعًا"، تتابع زايد حديثها.
وتوضح أن تلك السياسة "متجذرة في الكيان الصهيوني"، معربة عن أسفها للصمت الدولي على رفض الاحتلال محاكمة الإرهابيين الذين حرقوا الطفل أبو خضير.
وتردف: "نحن كمدافعين عن حقوق الإنسان نثير هذه الأمور لكن لا نجد صداها في المجتمع الدولي"، لافتة إلى أن سلطات الاحتلال تمعن في "الظلم والعنصرية التي تنتهجها تجاه الفلسطينيين، وهو أمر وفقا لكل المعايير والاتفاقيات الدولية يعد جرما يعاقب عليه بموجب القانون الدولي الإنساني".
وتنوه إلى أنه يتوجب على السلطة في رام الله، تحريك الدعاوى باسم المتضررين الفلسطينيين من ممارسات الاحتلال، وإيجاد هيكل قانوني يدافع عنهم ويتخذ الخطوات القضائية والإجراءات الرسمية في سبيل ذلك، مشددة على أنه لا ينبغي للسلطة الاكتفاء بالشجب والاستنكار، كما أن على الأمم المتحدة وكل الجهات المعنية بحقوق الإنسان أن تتولى مسؤولياتها تجاه ممارسات الاحتلال.