فلسطين أون لاين

الفاضحة

من أسماء سورة التوبة في القرآن الكريم: براءة، والفاضحة. قيل لها الفاضحة لأنها تفضح المنافقين، وتكشف عيوبهم وكذبهم، وأنهم يقولون ما لا يفعلون. وأنهم من أصحاب النار، في الدرك الأسفل منها، لأنهم جمعوا إلى الكفر الخديعة والكذب. هذا الصنف ليس محصورا بزمان أو بمكان محدود، بل هو يخترق الزمان والمكان وجودا.

إنه وفي ضوء هذه المفاهيم والمعاني نسأل هل يمكن تسمية الحرب في أوكرانيا باسم الفاضحة؟ أعني هل هذه الحرب فضحت المنافقين المعاصرين؟ أقصد هل فضحت السياسة الدولية لمجموع الدول الكبرى؟ وهل بان كذب الأقوياء وعدوانهم على الضعفاء؟ هل كشفت كذب ما يسمى بسياسة الدفاع، وسياسة الردع، التي يختبئ خلفها سباق التسلح بين الدول الكبرى؟ والأسئلة كثيرة.

نحن الفلسطينيين نعلم كذب الغرب ونفاقه، ولكن من المفيد لنا ولقضيتنا مراقبة ما يقوله أهل الغرب، ممن لهم وعي، وعندهم إنصاف، حيث تعجب النائب في البرلمان الإيرلندي (ريتشارد بويد) من ازدواجية معايير دول الغرب، إذ يقول في غضون خمسة أيام فقط فرض الغرب عقوبات شديدة على بوتين وعلى روسيا بسب الحرب واحتلال أجزاء من أوكرانيا، في حين تحتل (إسرائيل) الأراضي الفلسطينية والعربية من عشرات السنين، ولم يفرض عليها الغرب عقوبات بحجة أنها غير مجدية!

العقوبات الأمريكية الغربية على روسيا الدولة العظمى، وصاحبة النفوذ في دول عديدة، ولديها قدرة عالية في مكافحة عقوبات الغرب. العقوبات عليها مجدية، وأما العقوبات على (إسرائيل) الدولة التي لا تملك اقتصاد روسيا، ولا سلاح روسيا، ولا نفوذ روسيا، فإن العقوبات ضدها غير مجدية، ساء ما تحكمون!

العاقل المنصف يقول عكس ما يقول الغرب وأمريكا، ولكن إرادة فرض عقوبات على دولة الاحتلال غائبة، وغير موجودة، بل العكس هو الموجود، أمريكا والغرب يحمون (إسرائيل) لأنها ذراعهم في الشرق الأوسط، وهم يودون حماية أوكرانيا لتكون لهم ذراعا في الشرق الأقصى!

في أمريكا والغرب يتحدثون كثيرا عن القيم، وعن الأخلاق، وعن الديمقراطية، وعن العدالة، وهم من هذه المعاني بعيدون بُعد المشرق عن المغرب. الغرب بلا قيم، وبلا أخلاق، بدليل ما تقدمه الفاضحة الجديدة لنا، أعني ما تقدمه حرب الروس في أوكرانيا. 

إذا كانت الحرب قد كشفت عن قيم روسيا وأخلاق الشرق، فإنها كشفت أيضا وبقوة أوضح عن قيم الغرب الكاذبة، وأنه لا منطق يحكم أمريكا والغرب (وإسرائيل) غير قيم المصالح العنصرية، ورغبة السيطرة على العالم، وعلى اقتصاد العالم، وفي سبيل هذه السيطرة الشريرة يصبح الحرام بمفهوم الغرب حلالا، والممنوع مباحا، والاحتلال تنمية وانتدابا، والسلاح دفاعا وردعا! ألا لعنة الله على الكاذبين، الذين جعلوا السياسة والأخلاق عضين.