الإيجابية ليست شعاراً يُطلق، ولا كلمات تُغنى، بل هي قيمة ومعنى، فهي تبني الحضارات وترسخها، وتكتشف القدرات وتعززها، لتفرض واقعاً جديدًا، ومستقبلاً فريداً، مداده من نور، وصفحاته صدور شباب قلبه مضيء بالعزة والرغبة في العطاء والحياة بل حيوات عديدة لنفسك ولمن حولك.
وقديماً قالوا: من يريد أن يعيش أكثر من حياة فليقرأ كتابا، وأقول من يريد أن يعيش خالداً فليعش لغيره، وليفتح أبواب الخير للأحباب، فالإيجابية أن تعيش للآخرين، بل أن تعيش في قلوبهم وتفاصيل حياتهم، لتضيء لهم سبيلاً يخرجهم من الظلمات أولا، ويكون لهم زاداً في عناء الطريق وصولا لتحقيق طموحاتهم وأمانيهم، فتصبح جزءاً من إنجازهم وصانعاً له بل أنت النجاح ذاته.
لكن السؤال الكبير كيف ذلك وما السبيل؟ معذرة صديقي أنت العنوان وبين ضلوعك السر كامن، فلن تضيء طريق الآخرين وعيونك مقفلة، وقلبك مكبل مغلق، ويضيق صدرك بالهموم والأعباء والأثقال، ففاقد الشيء لا يعطيه، فابدأ بنفسك يا عزيزي، وتعلم كيف تشرق قسمات وجهك مع شمس كل صباح، وبزوغ قمرك في سواد الليل ليبدد ظلمتك، وكن شمساً تزين الأيام وعنواناً لها، حينها فقط تستطيع أن تكون إماماً ومؤثراً بمن حولك ومقنعاً لهم، ودرساً عملياً لهم، بل نموذجا يحتذى به بإيجابية عالية.
الإيجابية مهارة مثل باقي المهارات التي تُكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر كله يندرج تحت عاملين أساسيين هما: طريقة التفكير وطريقة التصرف وكلاهما قابل للتغيير والتطوير، والإيجابية مزيج من أسلوب تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها، وينبغي أن يدرك الشخص أفكاره وسلوكياته، ويتجنب سلبياتها عليه بالعمل على إحلالها بأخرى إيجابية. فبدلا من أن يفكر الشخص في الفقر عليه بالتفكير في الثروة.. وبدلا من أن يردد كلمة التجاهل عليه بفهم ما يحيط به والعمل على إدراكه.. وبدلا من أن ينتقد القيود، عليه بالبحث عن الحرية، لابد وأن يردد دائما الكلمات الإيجابية بينه وبين نفسه «أنا أستطيع».. «أنا قادر على».. «من الممكن أن «.. وهكذا من التعبيرات التي توحي بالإيجابية لصاحبها ولغيره من المحيطين به حتى لا تتسلل روح اليأس التي تنتابه إليهم. فالعقل يقبل ما بعد الأنا ونحن نخلق بداخل عقولنا، نوعية الحياة التي نرغب، فإذا كان التفكير إيجابيا فسوف تتحول حياتنا إلى الإيجابية بشكل تلقائي، صحيح أن الشخص ليس بوسعه التحكم في الظروف والأحوال الخارجية لكنه بوسعه التحكم في نفسه وفى عالمه الداخلي.
فالإيجابية عطاء بلا حدود وتوكل على المعبود، فاعقد النية وابحث عن مكنون وقدرات دفينة بين جنباتك، وأعد اكتشاف نفسك من جديد، وجند واحدة فقط ووظفها لخدمة من حولك، أو ساهم بفكرة هنا أو هناك، وكن عنواناً حينا، وجنديا مطيعاً حيناً آخر، وابتغي مرضاة الله وانتظر الأجر والشكر من ربك.. فتلك الإيجابية بعينها.