في الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها دروس وعبر عديدة، واليوم أقف عند درس يفيدني كفلسطيني، يعيش تحت ظل دولة احتلال يهودية الديانة. الدرس الذي أعنيه يعطيني ويعطي المتلقي كشفا حقيقيا وعميقا عن السياسة الغربية الأميركية، وموجهات عملها في الإطار الدولي، على المستوى العملي والأخلاقي، هذا الكشف المؤيد بالأدلة يقول: سياسة الغرب الخارجية عنصرية، تكيل بمكيالين وأكثر، وتقوم على النفاق والكذب، وما خفي أعظم! وهيا بنا ننظر في القضية والاتهامات هذه نظرة موضوعية بفقه المقارنة السياسية والأخلاقية.
قبل يومين أعلن الرئيس الأوكراني عن إنشاء فرقة عسكرية من المتطوعين الدوليين لمقاتلة الروس والدفاع عن أوكرانيا، وقال لقادة الغرب هذه الطريقة التي تثبت تأييدكم لأوكرانيا. هذه الدعوة وجدت صدى إيجابيا في بريطانيا ودول أخرى، حيث أعلنت بريطانيا عن فتح باب التطوع أمام البريطانيين للقتال في أوكرانيا. وحذت حذو بريطانيا دول أخرى، هذا ناهيك بإمدادات السلاح لأوكرانيا من أميركا وجل دول الغرب.
هذا التطوع للقتال في أوكرانيا من مواطنين غير أوكرانيين بريطانيين وغير بريطانيين لا يعد عملا إرهابيا! بل عمل مشروع تحميه الدولة، وتساعد المتطوعين ماديا ومعنويا، مع أنهم يذهبون للقتال في بلد آخر ليس هو بلدهم وموطنهم!
في المقابل الفلسطيني المقاوم يقاتل الاحتلال على الأرض المحتلة، يقاتل الاحتلال بنفسه، وليس من خلال مرتزقة ومتطوعين أجانب، ومع أن الحالة الفلسطينية أدخل في القيم والأخلاق والسياسة القائمة على العدل، فإن بريطانيا ودول الاتحاد الأوربي وأميركا يعدون المقاومة الفلسطينية إرهابًا!
إذا قلنا إن روسيا تحاول أن تحتل أوكرانيا، فإن (إسرائيل) تحتل الأراضي الفلسطينية منذ عشرات السنين. وإذا قلنا إنه من حق الأوكراني مقاتلة المحتل ومقاومته للحفاظ على استقلاله ودولته الوطنية، فإن من حق الفلسطيني مقاتلة ومقاومة المحتل الإسرائيلي طلبًا للحرية وتقرير المصير. إذا كان للغرب مصالح وطنية في دعم المقاومة الأوكرانية، فإن للفلسطيني والعربي مصالح مماثلة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
الاحتلال احتلال بغض النظر عن المكان والزمان والشعب والمصالح، والمقاومة مقاومة بغض النظر عن الشعوب والزمان والمكان. أوكرانيا تقاوم وفلسطين أيضا تقاوم، بل إن مشروعية المقاومة الفلسطينية أدخل في باب الحقوق والأخلاق، لأن الفلسطيني طرد من وطنه وداره، والروسي لا يطرد المواطن الأوكراني من داره ووطنه، ولا يلغي وجود دولته، الروسي يبحث عن حالة أمن له تكون أفضل بسبب التهديدات الغربية الأميركية لروسيا!
هذا الدرس الذي يكشف عن عنصرية السياسة الغربية، والتمييز الأخلاقي، وازدواجية المعايير، جدير أن يجد أيدي قوية في العالم العربي والدولي لتلقي به في وجه قادة الغرب الفاسدين، وجدير بالهيئات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان أن تحاكم هذه الدولة بسبب عنصريتها ومعاييرها المزدوجة. لا استقرار في العالم بمعايير مزدوجة وعنصرية البتة!