لقد كان لافتًا الهجوم الغربي على العرب والسوريين خاصة، في تصريحات عنصرية رسمية وشعبية. ولم يكن تصريح رئيس وزراء بلغاريا الذي وصف فيه اللاجئين الأوكرانيين بأنهم "ليسوا من اللاجئين الذين اعتدنا عليهم، إنهم أوروبيون مثقفون ومتعلمون"! معزولًا عن السلوك الغربي تجاه خصومهم أو أعدائهم. ففي إحدى اللقاءات قالت مراسلة شبكة NBC الأمريكية عن اللاجئين الأوكرانيين: "هؤلاء ليسوا من سوريا، هؤلاء مسيحيون ومن ذوي البشرة البيضاء"!
بل إن السلوك الغربي -الأوروبي والأمريكي- بدا حديًا وعدوانيًا بشكل واضح، فهم يطبقون مبدأ: "من ليس معنا فهو ضدنا”! فلا نسمع منهم عبارات عودونا عليها في كل الصراعات التي كانوا يفتعلونها -أو يغذونها- في بلاد العرب وآسيا وإفريقيا، من قبيل: "ضبط النفس" أو "احترام سيادة القانون" و"ضمان حرية حركة الأفراد" و"العمل للمؤسسات" ودعم أنشطة ”مؤسسات المجتمع المدني” خلال الحروب والصراعات!
إنهم في الحرب الروسية الأوكرانية يسخّرون كل قواتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من أجل عزل خصمهم الروسي، وكأنه عدو قديم! لا تربطهم به أي علاقات أو مصالح! فهم يهاجمون كل ما هو روسي أو من أصل روسي، حتى أن بريطانيا دفعت مالك نادي تشيلسي الإنجليزي ورجل الأعمال الروسي "رومان أراموفيتش" -وهو بالمناسبة يحمل الجنسية الإسرائيلية- إلى أن يعلن تنحيه عن إدارة النادي رغم أنه مالك الحصة الأكبر فيه، ومن يرجع له تربع تشيلسي الصدارة في عهده. كما أن الإتحاد الدولي للجودو أوقف رئاسته الشرفية التي منحها للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"!
إنها سلسلة من الإجراءات التي تعكس العنصرية الغربية، وهنا لا نتحدث عن العقوبات الاقتصادية أو الدعم العسكري لأوكرانيا، ولكننا نتحدث عن طبيعة السلوك الذي يستخدم عبارات تنم عن الحقد وتجاوز "القيم الغربية" وأخلاقيات "العالم الحر" التي كانت أوروبا والولايات المتحدة وكندا تتغنى بها، فتعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن تزويد أوكرانيا بـ "أسلحة فتاكة" في إشارة إلى وحشية القتل والتدمير!
حتى منصات التواصل الاجتماعي تشارك في حجب المحتوى الروسي وتقييده، من خلال منع الإعلانات الممولة من الحكومة الروسية أو حسابات إعلامية، فقد قامت تلك المنصات مثل "تويتر" بوضع علامة تميزها على أنها حسابات تتبع الحكومة الروسية!
لا أحد منا يتوقع سلوكًا حميميًا أو عاطفيًا من الدول المتحاربة، ولا نعلن هنا دعمنا للعملية العسكرية الروسية، ولكننا نستهجن هذا السلوك الغربي في هذه الأزمة، فنحن قد جربنا لعقود وسنوات الانحياز الغربي للعدو الإسرائيلي، وتغاضيهم عن جرائمه التي لم تتوقف، ضد الإنسان الفلسطيني وأرضه ومقدساته وحقوقه! وندرك أن الغربيين يحكرون الديمقراطية فيما بينهم، أما غيرهم فإن قانون الغابة هو ما يحرك غرائزهم ويغذي أحكامهم.
إن الحرب الروسية الأوكرانية قد وضعتنا جميعًا أمام حقيقة بالغة الوضوح بأن القوة هي قيمة أخلاقية، وليست أداة للسيطرة فقط! فالشعب الذي يملك القوة الكافية لحماية حقوقه، يستطيع أن يصمد في ظل قوانين الغرب وقيمهم البدائية. ومن يتخلف عن حماية أمنه القومي فلن يتورع هؤلاء عن احتلال فناء بيته ومصادرة حريته بل سلب حياته.
فهل لا يزال العرب في شك من أن الدول الغربية لا يمكنها أن تكون في صداقة معهم؟ عوضًا أن ترى فيهم مجتمعات إنسانية كاملة الحقوق؟ فهم ليسوا من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء والشعر الأشقر! وعليه فهم ليسوا ضمن مواصفات الشعوب التي تستحق الحماية وتوفير اللجوء الكريم من الحروب، أو الدعم العسكري في مواجهة عدوهم "إسرائيل".
إن من يتجاهل صورة السلوك الغربي مع الشعوب الشرقية، يفقد جزءًا كبيرًا من حقيقة "الخداع الغربي" والمواقف الزائفة خلال الحروب والأزمات التي تعصف بدول الشرق العربية منها أو غيرها، فاعتبروا يا عرب.