بدأت الحرب في أوكرانيا الخميس الماضي ٢٤/٢/٢٠٢٢م، ولا أحد يعرف متى ستنتهي، وهل هي حرب خاطفة، أم حرب استنزاف طويلة الأمد؟ وأنا أعتقد أن الاهتمام بالمستقبل أهم من الاهتمام بما جرى ووقع.
في استطلاع أجرته الجزيرة أجاب ٧٦٪ من المشاركين أنها حرب خاطفة. وفي ظني أن هذه النسبة جاءت من تأثير المشاهد الميدانية لمجريات القتال، وبالذات التقدم الروسي السريع، وتوغل الانفصاليون لمسافات طويلة تحت غطاء نيران روسية.
أنا شخصيا لا أتوقع نهاية سريعة للحرب، حتى وإن حققت القوات الروسية انتصارات كبيرة، لأن الحرب الخاطفة تتعارض مع الاستراتيجية الأمريكية الغربية، وتتعارض مع الروح القومية التي يجري تعبئتها في أوكرانيا.
الاستيلاء على البلدات الأوكرانية لا يعني أن فرص مقاومة الأوكرانيين للروس قد انتهت. أوكرانيا تعلم منذ البداية أنها لا تستطيع منع تقدم الروس على الأرض بسبب فارق القوة العسكرية، ولكنها تخطط بحسب بعض المعلومات والقراءات لمنع الروس من الراحة والاستقرار على الأرض.
هذه الاستراتيجية تؤكدها عوامل عديدة، منها: رفض الحكومة الأوكرانية التفاوض مع الروس على الأمن، وتؤكدها إمدادات الأسلحة الدفاعية، والذكية، التي شحنها الغرب إلى أوكرانيا أيضا، وتؤكدها ثالثا سلسلة العقوبات الكبيرة والواسعة التي فرضها الغرب و
أمريكا على روسيا.
الاستراتيجية الأمريكية الغربية كما تتبلور الآن تقوم على إضعاف روسيا واستنزافها، وهي أهداف تتبناها أمريكا ودول الغرب، بسبب تقديراتهم لطموحات بوتين الشخصية.
ولكن نجاح هذه الاستراتيجية يرتبط ببقاء حكومة أوكرانيا الحالية، سواء داخل كييف، أو في المنفى إذا ما احتل الروس العاصمة، وتبنّيها استراتيجية الاستنزاف والإضعاف.
مؤشرات هذه الحرب تعلن أنها في أهم جوانبها هي حرب بالوكالة على الأرض الأوكرانية، بين أمريكا والناتو من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى، وهذا النوع من الحروب له عادة امتدادات في الزمان والمكان، وهو ما يرجح أن تتحول الحرب الخاطفة إلى حرب استنزاف.
ويمكننا القول من ناحية أخرى إن ذلك لا يخفى على القيادة الروسية، لذا أعتقد أنها وضعت سيناريو الخروج منه لاحقا من خلال إقامة حكومة أوكرانية تكون موالية لروسيا، ومناهضة للغرب، وهذا ولا شك الحل الوحيد أمامها، وقد طبقته روسيا في دول أخرى كانت تابعة للاتحاد السوفيتي، وكانت عندها نزعة استقلالية وعداء لروسيا.