فلسطين أون لاين

​دعاوى إسرائيلية تطالب عائلات الشهداء بالتعويض

...
القدس المحتلة / غزة - يحيى اليعقوبي

لم يكتف الاحتلال بإعدام أبناء الشعب الفلسطيني بدم بارد، فضلا عن جرائمه ومجازره البشعة بحقه، ليطلب هذه المرة من عائلات الشهداء دفع تعويضات تقدر بملايين الشواقل، وهو ما يراه مراقبون، رسالة تخويف للعائلات المقاومة بأنها ستلاقي نفس المصير، وقلب الحقائق والموازين بتجريم الضحية.

وقدمت نيابة الاحتلال وعوائل قتلى العمليات الفدائية الإسرائيليين، دعاوى أمام المحاكم الإسرائيلية لتعويضهم بملايين الشواكل من قبل عوائل المنفذين الفلسطينيين بحسب ما نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية.

وقال الصحيفة في عددها الصادر، مطلع الأسبوع الماضي، إن نيابة الاحتلال ممثلة عن الحكومة رفعت أمام ما تسمى "المحكمة الجزئية" الإسرائيلية بالقدس، دعوى ضد زوجة وأطفال عائلة الشهيد فادي قنبر والذي نفذ عملية دهس في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الماضي ما أدى لمقتل 4 جنود إسرائيليين.

وأوضحت أن النيابة تطلب في الدعوى التي رفعت منذ أسبوعين من زوجة وأطفال الشهيد قنبر دفع مبالغ مالية طائلة كتعويض للأضرار الخاصة بالحكومة عن العملية وما تبعها، وكذلك تعويض عوائل القتلى والجرحى فيها.

كما طلبت أيضا دفع تكاليف نفقات جنازات الجنود وإنشاء نصب تذكاري لهم ودفع مبالغ تصل إلى 84 ألف شيكل لكل عائلة جندي قتل بالعملية.

وذكرت الصحيفة أن النيابة أودعت أول قضية أمام المحكمة كجزء من سلسلة دعاوى قضائية مماثلة سترفع قريبا ضد عوائل منفذي العمليات، منوهةً إلى أن النيابة تنظر في تقديم مزيد من الطلبات لتقديمها للمحكمة الأيام المقبلة بشأن تعويضها.

قلب موازين

يقول المحامي في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان مهند كراجة: "إن الاحتلال بهذه الإجراءات يحاول الالتفاف على القانون الدولي"، مبينًا أن القانون الدولي يعتبر أن المقاومة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني والشعوب المحتلة تأتي ضمن الكفاح المسلح المشروع للشعوب من أجل التحرر، وهو ثابت في اتفاقيات جنيف وبروتوكولات العهد الدولي ولها أولوية التطبيق.

ويضيف كراجة لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يحاول استخدام القانون الإسرائيلي بصفته قانون قوة، من خلال رفع دعاوى ضد الفلسطينيين وإجبارهم على التعويض وتنفيذ القانون بالقوة"، موضحا أن هذه القوانين التي تفرض على الفلسطينيين هي على مقاس الاحتلال وليست مرتبطة بالقوانين التي يطبقها على مجتمعه الإسرائيلي.

ويشير إلى أن الاحتلال يخترع كل فترة قوانين جديدة لتطبيقها ضد الفلسطينيين، والذين يقومون بأعمال مقاومة، بهدف معاقبة أهل الشهيد من أجل تغيير ثقافة المقاومة ضد الاحتلال، في محاولة لإجبار العائلات الفلسطينية على إلغاء فكرة مقاومة الاحتلال.

في المقابل، لا يسمح الاحتلال، والكلام لكراجة، لآلاف العائلات الفلسطينيين ممن استشهد أبناؤهم وأطفالهم الرضع بدم بارد، وتعرضوا لمحارق ومجازر بشعة من قبل قوات الاحتلال، برفع دعاوى ضد تلك الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، معتبرا أن إجراءات الاحتلال قلب للموازين والحقائق.

والأمر، كما تابع المحامي في مؤسسة الضمير، خطير جدا في ظل عدم التزام الاحتلال بتطبيق القوانين الدولية مدعوما بضوء أخضر من قبل أمريكا والدول الغربية لمواصلة انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه في حالات الاحتلال السابقة في عدة دول كان المجتمع الدولي يلزم دول الاحتلال بتطبيق الاتفاقيات الدولية وهو ما لا يطبقه الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد كراجة على ضرورة رفض تطبيق هذه القوانين من قبل أهالي المقاومين، حتى لو كان نتيجة ذلك الاعتقال، ومواجهة الاحتلال القانونية والشعبية وعدم الصمت والرضوخ له.

عقاب جماعي

من جانبه، الناشط المقدسي فخري أبو دياب يقول إن الاحتلال يتعمد أسلوب العقاب الجماعي، بمعاقبة أسر الشهداء الذين يقومون بعمليات مقاومة ضده، مستدركًا: "لكن الاحتلال يريد زيادة المعاناة وقهر هؤلاء الناس، واعتقالهم في بعض الأحيان، ومصادرة ممتلكاتهم وتنغيص حياتهم لأن المحاكم الإسرائيلية جزء من منظومة الاحتلال".

وأضاف أبو دياب لصحيفة "فلسطين": "أن هناك ضحايا فلسطينيين لعنصرية الاحتلال مثل محمد الدوابشة، وعائلته الذين تعرضوا للحرق من قبل مستوطنين إسرائيليين لا يسمح الاحتلال لهم برفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية ضد هؤلاء المجرمين".

وحول الهدف من هذه الإجراءات، بين أن الاحتلال يريد إيصال رسالة للعائلات الفلسطينية التي يتوقع أن يخرج منهم مقاومون، بأنها ستلاقي نفس المصير وستبيع ممتلكاتها.

وشدد على ضرورة عدم التعويل على قضاء الاحتلال أو القضاء الدولي الذي لم ينصف الشعب الفلسطيني أمام عنجهية الاحتلال، مطالبًا بعدم الرضوخ لهذه التهديدات الإسرائيلية، ورفع قضايا بهجمة مضادة أمام العالم وفضحه باستخدام نفس الوسيلة التي يستخدمها الاحتلال برفع دعاوى قضائية ضده.

ونبه أبو دياب إلى أنه لا يوجد شخص مقدسي لم يسجل عليه الاحتلال ملايين الضرائب، لكن هذه الإجراءات لا تخيفهم، رغم أنهم يعيشون يوميا بمشاكل مع الاحتلال متعلقة بفرض ضرائب وأموال، مبينًا أن الاحتلال يحاول إرسال رسائل تخويف من هذه الإجراءات.