ماذا يعني إصدار محمود عباس مرسوما يعتبر فيه منظمة التحرير ضمن دوائر دولة فلسطين؟
السؤال عن المعنى يسبقه سؤال يقول لماذا لجأ محمود عباس لهذا المرسوم في هذا التوقيت، وبعيد انتهاء اجتماعات المجلس المركزي، ووضع الموالين له في مناصب رئيسة في اللجنة التنفيذية للمنظمة، وفي رئاسة المجلس الوطني؟
من المعلوم أن فصائل العمل الوطني والإسلامي، والشخصيات المستقلة، يطالبون ومنذ زمن بعيد عباس بإصلاح منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، وإعادة الاعتبار لها، وإشراك جميع الفصائل فيها، لتكون ممثلة للكل الوطني.
ومن المعلوم أن عباس يماطل في إجابة طلب الفصائل لأنه يرفض إدخال حماس والجهاد إليها، وهو في الوقت نفسه لا يتخذ إجراءات عملية ترفع من شأن المنظمة وتعيد لها اعتبارها بين الفلسطينيين، بل هو يحرص على استبقائها في هامش العمل الوطني، ويستدعيها للعمل حين يريد أن يستخدمها لخدمة مصالحه، أو مواجهة الفصائل، أو لتمرير سياسة معينة باتجاه المفاوضات مع العدو.
في ضوء ما تقدم نسأل: هل إصدار مرسوم يعتبرها ضمن دوائر دولة فلسطين يعد تقوية لها أو تعزيزًا لوجودها ودورها المستقبلي؟ المؤسف أن أدلة الإجابة تقول: لا. هو لا يريدها قوية، ولا يريد إصلاحها، ومعه شركاء في ذلك عرب، وغير عرب، لذا نظرت الفصائل وهي محقة، بأن عباس بهذا المرسوم يريد إضعافها، وتهميشها بشكل أكبر، تمهيدا للخلاص من دورها، ومن المطالب التي تطالب بإصلاحها، ومن ثمة تعزيز دور السلطة، وتعزيز تمثيلها دون منازع، حيث يضمن السلطة في جيبه، ولا يكاد يضمن منظمة التحرير إن تمّ إصلاحها.
إن قطع الطريق على الفصائل التي تطالب بإصلاح المنظمة هو هدف مهم في سياسة عباس، وقد يتحقق له ذلك بمرسوم اعتبار المنظمة جزءا من دوائر الدولة بدلا من كونها مرجعية للسلطة كما هو مفهوم سابقا للجميع.
الدولة الفلسطينية ليست قائمة على الأرض، إنها موجودة على الورق حتى الآن، والمنظمة كيان قائم وله تاريخه، فكيف له أن يضم كيانا قائما لكيان غير قائم؟ لذا أحسنت الفصائل التي رفضت المرسوم وأجبرت عباس على التراجع. إن المناورة التي ناورها عباس من خلال المرسوم تستحق الدراسة العميقة، فالمرسوم له ما بعده، وحبذا لو عقدت له الفصائل ورشة عمل تقارب الموضوع، والزمن، والبيئة، والتداعيات، لتقوم بتوعية الشعب والرأي العام.