تصفية ثلاثة فلسطينيين في وضح النهار وسط مدينة نابلس، وبهذا الشكل الإرهابي المقزز، ليس حدثاً عادياً، ينتهي بدفن الشهداء، والتهرب من الإعلان عن يوم غضب ومواجهات، بيوم حدادٍ وإغلاق المحلات، تصفية شباب نابلس جرحٌ فلسطينيٌ لا يندمل، ويجب أن يظل مفتوحاً للريح، فإما أن تدميه بلفحها، وإما أن تشفيه بعصفها، وفي الحالتين سيفيض الجرح غضباً وثورة في وجه المحتلين، وبين أيدي من يتعاون معهم أمنياً.
دماء شباب نابلس تصرخ في وجه قيادة منظمة التحرير: يكفي انحرافاً عن إرادة الشعب، ويكفي ترديد المسخرة اللفظية، بأن تصفية شباب نابلس دليل على الإرهاب الإسرائيلي، ودليل على عدم جدية إسرائيل في البحث عن السلام، ودليل على تطرف دولة إسرائيل، ودليل على تمسك السلطة الفلسطينية بالسلام، كل هذا الكلام الزائف الذي فقد رصيده، مجرد ذر لرماد التهدئة في عيون الشعب الغاضب، كلام سخيف، لا يتقدم خطوة واحدة على طريق طرد المحتلين، وإن كان يؤخر قوة الدفع الجماهيري المتفاعل مع كل مقاوم يرفع سلاحه في وجه المحتلين.
تصفية شباب نابلس بهذا الشكل المهين للقيم الإنسانية، وأمام سمع وبصر سبعين ألف مجند فلسطيني، تفوق ميزانيتهم السنوية 30% من مجمل ميزانية الوزارات والمؤسسات الفلسطينية، هذه التصفية الوقحة، تبرق أمام عين كل وطني عاقل بأحد الاحتمالين:
الاحتمال الأول: إذا كانت تصفية شباب نابلس الثلاثة قد تمت عن طريق التنسيق والتعاون الأمني، فهذه جريمة بشعة، لا تتحمل مسؤوليتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية فقط، وإنما يتحمل مسؤوليتها أصحاب القرار السياسي، قيادة منظمة التحرير، وهم المسؤولون عن المنسقين والمتعاونين أمنياً، وهم الذين يتحملون وزر كل قطرة دم فلسطيني تراق بيد المحتلين.
ثانياً: إذا كانت تصفية شباب نابلس الثلاثة قد تمت دون تنسيق وتعاون أمني، فهذه جريمة أشد وأعظم، إذ كيف تقبل قيادة منظمة التحرير على كيانها ـ مهما كان هشاً ـ أن تكبل يد المقاومين، وتطاردهم، وتسحب سلاحهم، وترقن قيودهم، وتعتقلهم، وتحاسبهم على صرختهم في وجه الاحتلال، وفي الوقت نفسه، لا توفر لهم أدنى مقومات الأمن والحماية.
تصفية الشباب الثلاثة في نابلس تفرض على الشعب الفلسطيني أن يضع النقاط على الحروف، فإما أن تكون هذه القيادة التي عقدت مجلسها المركزي، وانتخبت أعضاء لجنتها التنفيذية بعيداً عن المجلس الوطني، وبعيداً عن إرادة الشعب، إما أن تكون هذه القيادة وطنية بالمفهوم الوطني الشامل، وتقاتل جنباً إلى جنب مع شعبها، وتقدم التضحيات، وإما أن يصنفها الشعب كقيادة عميلة للاحتلال، وجزء من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، كما صرح بذلك الجنرال عاموس جلعاد، رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق.
على الشعب الفلسطيني أن يشحذ السكين، وأن يشهر السيف، وأن يفرض على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تقدم جوابها الشافي والميداني على السؤال الآتي:
هل أنتم جزء من مقاومة الشعب الفلسطيني للأعداء، وجزء من معاناته؟ هل أنتم مستعدون للمشاركة في الدفاع عن الأرض والإنسان بأرواحكم وأولادكم وأموالكم؟ وهل أنتم جزء من إرادة الشعب الرافض للتعاون الأمني مع الأعداء؟ إن كنتم كذلك، فتعالوا إلى كلمة سواء، وبرنامج مواجهة واضح في الحق، وفاضح للأكذوبة، وإن كنتم غير ذلك، وستواصلون خيانة القضية من خلال الغرق في دهاليز التنسيق والتعاون الأمني، فالرد الثوري صريح في هذا الشأن، وقانون القضاء الثوري الذي أقرته منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1979، يطبق عليكم، كما طبق على المئات الذين سبقوكم، وتعاونوا أمنياً مع مخابرات العدو الإسرائيلي.