لو لم تشارك حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، أو أنها خسرت تلك الانتخابات لأصبحت منظمة التحرير أثرًا بعد عين، لأن رئاسة السلطة الفلسطينية والمتنفذين فيها قرروا استبدال المنظمة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، بحجة الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وهناك مراسيم رئاسية تؤكد ذلك، وهناك شواهد كثيرة على تهميش منظمة التحرير ودورها ودوائرها، وخاصة الدائرة السياسية لصالح السلطة ومؤسساتها، ولكن نجاح حركة حماس في الانتخابات التشريعية وحصولها على قرابة 60% من مقاعد المجلس التشريعي نفخ الروح من جديد في منظمة التحرير وتوقف العمل على إنهائها؛ خشية تفرد حركة حماس في إدارة الشأن الفلسطيني برمته، ونحن نتذكر الصراع بين وزير الخارجية في الحكومة التي شكلتها حركة حماس ورئيس الدائرة السياسية للمنظمة على تمثيل السلطة في المحافل الدولية، رئيس الدائرة السياسية الذي تم تهميشه تماما قبل فوز حماس وتشكيل حكومة بقيادتها.
ما أود الوصول إليه هو أن منظمة التحرير ليست مقدسة عند أصحابها ومؤسسيها _وهم أقلية حسب الانتخابات التشريعية_ حتى تكون مقدسة عند غالبية الشعب، وليس صحيحا أن منظمة التحرير هي البيت الجامع للكل الفلسطيني ونحن نرى أنه لم يتبقَّ من منظمة التحرير حاليا مفعلا سوى المجلس المركزي ولجنته التنفيذية، أما المجلس الوطني وهو في الأصل صاحب القرار الأول والأخير في المنظمة فلم يعد له وجود حقيقي، فضلا عن وجود إشكالية قانونية في تشكيل المجلس الوطني المغيب وفي تشكيل المجلس المركزي وما يصدر عنه من قرارات أو ما يحصل داخله من تعيينات أو حتى انتخابات.
منظمة التحرير الفلسطينية لا تحتاج إلى من يحافظ على وجودها بشكلها الحالي، بل هي بحاجة إلى نفخ الروح فيها، وذلك لا يكون بتعويض من غيبهم الموت أو استقالوا من المركزي أو التنفيذية كما حصل في الدورة الأخيرة للمجلس المركزي التي انتهت أول أمس، وإنما يكون بإعادة تأهيل منظمة التحرير جذريا، أي باستعادة مبادئ الثورة التي تم تغييبها وإلغاؤها، وبإعادة تشكيل المجلس الوطني بالانتخابات، وإن تعذر الأمر بالتوافق على أن يكون لكل فصيل تمثيل يتناسب مع وزنه في الشارع حسب آخر انتخابات تشريعية، ويتم منح الفصائل غير الوازنة التي لم تنجح في أي انتخابات مقعدا واحدا لكل فصيل احتراما لتاريخه النضالي إن وجد، فإن لم يتم إنقاذ المنظمة بهذه الصورة فإن المنظمة ستختفي إلى الأبد؛ لأن الوقت لا يعمل لصالح من يعتمدون سياسة التجاهل والإقصاء واللامبالاة، خاصة إذا لم يحققوا شيئا يقنع الشارع الفلسطيني بأحقيتهم في الاستمرار، فضلا عن حقهم في القيادة.