للأيام وجوه متعددة. التعدد يأتي بحسب الناظرين. فمثلا يوم أمس هو يوم سعادة غامرة ليتسحاق هرتصوغ رئيس دولة الاحتلال، ولقادة الدولة الآخرين، وهو يوم حزن وغضب لأبناء الشعب الفلسطيني حيثما كانوا. وهكذا هي الأيام دول، يوم لك ويوم عليك، والله نسأل أن ينجي شعبنا الفلسطيني من مثل ذلك اليوم.
هرتصوغ سعيد لأنه يزور أبوظبي ويلتقي ولي العهد فيها لأول مرة منذ قيام دولة (إسرائيل) على الأرض الفلسطينية. هرتصوغ استمتع بسماع النشيد القومي الإسرائيلي الذي عزفه رجال المستقبل والشرف الإماراتي في المطار. أرض المطار ضجت بصوت النشيد، وبأعلام دولة إسرائيل. كان هرتصوغ يتفقد حرس الشرف بفخر والابتسامة تعلو وجهه. هذا يوم (إسرائيل) هكذا قال الحال، وعبر المقال.
فلسطين والقدس انكمشتا في الزاوية. لا حديث عن فلسطين، ولا عن القدس. كل الحديث عن اتفاقية أبرهام بين أبناء وبنات إبراهيم بزعمهم. السلام أرسته الإمارات (وإسرائيل) ووضعت أساساته المتينة بزعمهم ليضم آخرين يؤمنون به. لا حديث عن احتلال الضفة، والاستيطان، والمعتقلين، كل الحديث عن التعاون التكنولوجي، والطاقة، والأمن. وهنا أدان هرتصوغ هجمات الحوثي على الإمارات ووصفها بالهجمات الإرهابية.
كانت دولة الإمارات المتحدة عربية قومية، وكانت على خط مقاومة الاحتلال، وكانت تقف خلف مطالب الفلسطينيين تدافع عنها وتؤيدها. اليوم الإمارات خلعت ثوبها القديم ولبست ثوب أبراهام، فلم تعد خلف المطالب الفلسطينية، بل هي في طريق آخر غير طريق مقاومة الاحتلال. العروبة والقومية باتت شعارات ماضية أخذت وقتها وانتهت. العروبة والقومية الجديدة أن تكون صديقا
لـ (إسرائيل)، وأن تكون شريكا تجاريا واقتصاديا وأمنيا لدولة (إسرائيل)، حتى ولو كانت تحتل القدس والضفة، وتحرم الفلسطيني حقه في تقرير المصير.
دولة الإمارات بمفهوم القطرية مسؤولة عن أراضيها ومواطنيها، وليست مسؤولة عن أرض فلسطين، والمواطن الفلسطيني. (كل شعب يخلع شوكه بيده). عصر المجملات العروبية والقومية انتهى منذ عام ١٩٦٧م، الإمارات تعيش عصرا جديدا. والأيام دول، بعضها فرح وبعضها ترح، وأيام فلسطين قادمة بإذن الله، ولا غالب إلا الله!