بينما يزداد الاستيطان شراسة، ويعتدي زعران المستوطنين على المواطنين وممتلكاتهم في الضفة، نجد دولة الاحتلال تتغاضى عن أعمالهم، ولا تأخذ على يدهم، على حين تنتقد صحف اليسار في دولتهم أعمال المستوطنين باعتبارها تضر بسمعة الدولة، وباعتبار أنها تجلب ردود أفعال ضارة.
المشكلة في قضية الاستيطان فلسطينيا أنها لا تحظى بموقف صارم وحاسم من السلطة، إذ تكتفي السلطة بالشجب، والاحتجاج لدى المجتمع الدولي والمنظمات الأممية. هذه الشكاوى والاحتجاجات الباردة لا تقدم ولا تؤخر، وهي تمارس منذ سنوات طويلة، والاستيطان يتقدم في الضفة على حساب الحقوق الفلسطينية يوميًّا.
مشكلة الاستيطان هي أسوأ جريمة ترتكب من الطرف الصهيوني بعد الاحتلال، وهي أكبر خطيئة يرتكبها المفاوض الفلسطيني الذي فشل في إدارة ملفها، وأجل الحديث فيها لقضايا الحل النهائي، تلك القضايا التي باتت سرابا لا يمكن الإمساك به؟!
بينما يتمدد الاستيطان، ويتلاشى حل الدولتين، وتعيش السلطة بمخدر العودة للمفاوضات، نجد دولة الاحتلال ووزارة الخارجية فيها تنشط في توسيع اتفاقية (أبراهام) للتطبيع، إذ تجتهد الخارجية لضم إندونيسيا والمملكة السعودية للاتفاقية، ولا نجد للسلطة دورًا كبيرًا في هاتين الساحتين لربط التطبيع بإزالة الاحتلال والاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية. السلطة لديها أوراق قوية قادرة على عرقلة جهود خارجية الاحتلال في ملف التطبيع الموضوع يحتاج لعمل نشط ومبكر يقطع الطريق على القناعات التي يحاول الاحتلال خلقها عند هذه الدول وغيرها.
يمكن للسلطة أن تصنع من اعتداءات المستوطنين أفلامًا فاضحة ترسلها لهذه الدول، وتبثها في وسائل التواصل الاجتماعي، وتطلب من الدول المستهدفة بالتطبيع أن تمتنع عن ذلك، وأن تساعد الفلسطينيين على مواجهة الاستيطان الشرس.
ويجدر بالسلطة أن تضع الاستيطان في مواجهة دائمة وساخنة مع المقاومة الشعبية إذا كانت تريد أن تتقدم خطوة عملية تتجاوز فيها الشجب والاحتجاج السياسي والإعلامي. المقاومة الشعبية قادرة بإذن الله على إيقاف الاستيطان، وتضييق الخناق على المستوطنين، شريطة سماح السلطة للشعب بحرية المقاومة.