يُقدِّر الجنرال غادي أيزنكوت رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال السابق، وجود حماس في الضفة فيقول:" قوة حماس في الضفة تصل إلى ٧٠-٨٠٪، مبينا أن ذلك جاء نتيجة انعدام الإستراتيجية في التعامل مع الشأن الفلسطيني، وفي حال أجريت انتخابات ديمقراطية فستفوز حماس".
في هذا التصريح نقطتان مهمتان: الأولى غياب إستراتيجية واضحة لدولة الاحتلال في التعامل مع الفلسطينيين، وبالذات مع غزة. هذا القول بحسب أيزنكوت فيه نظر، فثمة إستراتيجية واضحة ومتوارثة لدولة الاحتلال في التعامل مع الفلسطيني، ومع الأرض، ومن ملامح هذه الإستراتيجية:
منع حلّ الدولتين، ومنع حل الدولة الواحدة، والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، وتهجير أكبر قدر ممكن من سكان القدس والضفة، والسماح للفلسطينيين بحكم ذاتي تحت السيادة الأمنية الإسرائيلية، ومنع الفلسطينيين من امتلاك اقتصاد قوي ومنتج، وإدامة حالة الفقر والحصار، وفي حال تجاوز الفلسطينيون بعض هذه الخطوط يكون الرد بالقوة العسكرية المفرطة.
هذه الإستراتيجية طبقتها حكومات الاحتلال بعد اتفاقية أوسلو، وما زالت تطبق فصولها الباقية، أما إذا كان أيزنكوت يرى أن إدامة الحصار والحرب مع غزة لا يعبر عن إستراتيجية جيدة، فهذا شيء آخر، وفيه جانب من الصحة. جيش الاحتلال خرج من غزة، وحماس تدير غزة بقوة التأييد الشعبي لها، وإدامة الحصار عليها بحجة الجنود الأسرى هو خلل في الإستراتيجية، والأصل الفصل بين الموضوعات، وتخفيف الحصار عن غزة ورفعه.
أما النقطة الثانية والتي فيها تقدير نسبي لقوة حماس في الضفة، والفوز المؤكد حين تجرى انتخابات ديمقراطية، فهذا تقدير معلوم لفتح ولعباس وللمخابرات الإسرائيلية، لذا تعاون تحالف الخائفين من فوز حماس على إلغاء الانتخابات التشريعية، تحت مسمى التأجيل، وبحجة القدس، المواطن العادي يعلم أن الانتخابات تعطلت بسبب الخشية من فوز حماس بنسبة مرتفعة، كما قدرها أيزنكوت، وحماس تعلم هذه الحقيقة، وهذا يدل على أن قيادة السلطة المتفردة بالقرار منذ سنين تخون الشعب، ولا تصدق معه، ولا تحترم حقوقه الوطنية والقانونية.
الانتخابات قد تكون مدخلا للحل، ولكن الأهم منها هي احترام القانون والدستور الفلسطيني، واحترام المواطن وإرادته ورغبته في التغيير وفي التعبير عن رأيه من خلال صندوق الاقتراع. الانتخابات مهمة، ولكن أخلاق القيادة أهم. فلسطين تعيش أزمة قيادة وأزمة نظام.