فلسطين أون لاين

تقرير الشهيد "الهذالين".. أيقونة مقاومة أصلها النقب اغتالها الاحتلال في الخليل

...
صورة أرشيفية
النقب المحتل-غزة/ أدهم الشريف:

معتمرًا الكوفية، ممسكًا بعكازته، رافعًا العلم الفلسطيني، اعتاد الشيخ سليمان الهذالين الذي تنحدر أصوله من النقب المحتل، الوقوف في وجه جنود الاحتلال والمستوطنين في مشهد تكرر كثيرًا متصديًا لجرائمهم.

لكن هذا المشهد لن يتكرر بعد ذلك، إذ لم يرُق للاحتلال ومستوطنيه تفاعل الشيخ "الهذالين" مع فعاليات المقاومة الشعبية، فتعمدوا ملاحقته في ساحات المواجهة التي حرص على الوجود فيها ومن ثم دهسه بمركبة عسكرية، ليعلن استشهاده الاثنين الماضي.

واستشهد الهذالين متأثرًا بإصابته الخطرة بعد دهسه من شاحنة عسكرية إسرائيلية كانت تنفذ جرائم دهم واستيلاء في قرية أم الخير التي يسكنها الشيخ الهذالين (75 عامًا)، بمنطقة مسافر يطا قضاء الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، في 5 يناير/ كانون الثاني الجاري.

وينتمي "الهذالين" إلى عرب الجهالين الذين يسكنون النقب المحتل، وهجر جزء منهم إبان النكبة عام 1948، إلى مدن وبلدات متفرقة، ودول أخرى منها الأردن، حسبما يفيد ماجد الهذالين ابن شقيق الشهيد.

حضور ميداني

ويشير ماجد في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى أن الشهيد "الهذالين" على الرغم من تقدمه في السن لم يكن يترك ساحة تشهد مواجهات إلا وكان حاضرًا فيها، ليعبر عن تمسكه بأرضه ورفضه خطط الاستيطان والاستيلاء.

وخلال مشاركته في فعاليات المقاومة الشعبية، توثق فيديوهات عديدة منشورة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، إصراره على المشاركة رغم عنف جنود الاحتلال والمستوطنين، إذ لم يجد الخوف مكانًا له في قلب الشيخ "الهذالين" عندما كان يتصدى لهم.

وبحسب ماجد، فإن الشيخ "الهذالين" مرَّ بحياة اكتنفتها المعاناة من كل جانب نتيجة انتهاكات الاحتلال وهدم القرية التي يسكنها أكثر من 10 مرات منذ احتلال الضفة الغربية بالكامل عام 1967.

ويعد الشيخ "الهذالين" "دينامو ومحرك" الفعاليات الميدانية المناوئة للمستوطنين وجنود الاحتلال، كما يصفه كثيرون، سواء كان ذلك في قرية أم الخير التي تحدها مستوطنة بدأت على هيئة بؤرة صغيرة ثم تمددت على أراضي المواطنين، ولا يفصل بينهما سوى سياج شائك، أو في الأغوار وغيرها من مدن الضفة الغربية، كما يضيف ماجد.

ويشير إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت الشيخ "الهذالين" مرات عديدة بسبب نشاطه الوطني ومشاركته في فعاليات المقاومة الشعبية التي أصبح أيقونة لها، وقرر منعه من دخول مدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، لافتًا إلى أنه كان من أشد المحافظين على تراث أجداده المهجرين من النقب الذي يتعرض لحملة شرسة تهدف لتدمير المزيد من قراهم، وإحلال مشاريع استيطانية مكانهم.

وحول مدى خطورة الإصابة التي تعرض لها، بين ماجد أن إصابته وصفت بالخطرة وخضع على إثرها لمراقبة دقيقة من الأطباء في مستشفى الميزان بمدينة الخليل، بسبب الكسور التي أصابت جمجمته والعمود الفقري ومنطقة الحوض، وسببت تهتكًا وانقطاعا في بعض شرايينه.

ووسط أجواء هيمن عليها الحزن الشديد بعد استشهاد الشيخ "الهذالين" ودع أهالي قرية أم الخير ومدينة الخليل الشهيد في موكب مهيب، مرددين شعارات مناوئة لجرائم الاحتلال، ومطالبين بوضع حد لها.

اغتيال متعمد

وقال منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الاستيطان في جنوب الضفة الغربية راتب الجبور، إن الشيخ "الهذالين" يمثل أيقونة مقاومة شعبية استشهد نتيجة قمع الاحتلال فعاليات المقاومة الشعبية المناوئة للاستيطان.

وأضاف الجبور لـ"فلسطين" أن الشيخ "الهذالين" لم يتأخر في نضاله الوطني ضد الاحتلال ومستوطنيه وجرائمهم، وكان حاضرًا في كل الميادين دفاعًا عن فلسطين والأسرى والقدس والأقصى، ورفضًا للاستيطان والتهويد وهدم البيوت وتشريد المواطنين.

ونبَّه إلى أن دهسه من جنود الاحتلال واستشهاده متأثرًا بإصابته، لم يكن صدفة أو بالخطأ، بل جريمة اغتيال متعمدة رغم أنه لم يشكل أي خطر أمني حسب ادعائهم، مشيرا إلى أن اغتياله ينذر بمخاطر كبيرة أولها أنها تعكس نية الاحتلال والمستوطنين مواصلة الجرائم بحق المواطنين للاستيلاء على مزيد من أراضيهم وتشريدهم منها قسرًا.

وأضاف أن جنود الاحتلال والمستوطنين لا يتعاملون إلا بلغة القتل، وهذا لن يثني أبناء شعبنا عن مواصلة نضالهم ومقاومتهم حتى تحقيق حلمهم بدولة مستقلة عاصمتها القدس.