فلسطين أون لاين

هواجس إسرائيلية بعد (11) عامًا على اندلاع الثورات العربية

تخرج هذه السطور وما زال عدد من البلدان العربية تعيش تطورات داخلية متلاحقة، تترك أثرها على دولة الاحتلال، التي تحاول تقديم قراءة استشرافية لمدى نجاح هذه الثورات في البلدان العربية، ويمنح تركيزًا واضحًا لبعضها، بسبب القرب الجغرافي، ومدى ما تشكله من قلق حقيقي على الأمن الإسرائيلي.

لم يكن سرًّا مدى انشغال الإسرائيليين بما وصفوه بـ"الزلزال" الذي هز المنطقة بأسرها في مثل هذه الأيام من عام 2011، في إشارة إلى الآثار المترتبة عليهم، ومدى الانعكاسات المتوقعة من هذه التقلبات الإقليمية، وفرصهم في العيش بهدوء في المنطقة، فضلًا عن الآثار المترتبة على الأمن الإقليمي والعالمي.

قدرت "العقول الإستراتيجية" في دولة الاحتلال انطلاق مجموعة الانتفاضات الشعبية العربية في تسلسل سريع، بسبب ما قالت إنها "الأوبئة" الاجتماعية والسياسية في تلك البلدان، وأثبتت هذه الثورات أن الثقافة السياسية في العالم العربي موجودة إلى حد كبير، وهي حقيقة واقعة، ما يعني فشل الأنظمة الاستبدادية طوال العقود الماضية في إلغائها وتغييبها.

وفي حين عدت (تل أبيب) "التغيرات الكونية" التي شهدها العالم العربي تحديًا أمنيًّا رئيسًا لها؛ يمكن القول إن الصراعات الداخلية في المستقبل ضمن الأنظمة العربية الجديدة في مرحلة ما بعد الثورات عملت على تفاقم التهديد الأمني لـ(إسرائيل) ضمن عدة مستويات.

أول هذه المستويات في المدى القصير، من حيث إن زعزعة استقرار الحكومات العربية قد تساعد على تسهيل الهجمات المسلحة عبر الحدود ضد (إسرائيل)، وثانيها في المدى المتوسط، الذي قد يكون عبر الحكومات العربية الجديدة، بقيادتها المنظمات المسلحة، والسير على طريق باتجاه واحد نحو صراع عسكري ضد (إسرائيل)، وثالثها في المدى الطويل بنشوء أنظمة جديدة في العالم العربي قد تؤدي إلى ظهور منظمات جهادية جديدة.

تركزت المخاوف الإسرائيلية من تلك الثورات لأنها باتت تهدد الأمن القومي للكيان، بتصاعد مخاطر التغير السريع والمفاجآت الإستراتيجية، وزيادة النشاط المسلح المعادي، وانخفاض الردع الأمني، وتزايد العزلة الإقليمية، والملف النووي الإيراني.

هذه المخاوف الإسرائيلية بددتها الثورات المضادة، التي استعانت بالعامل الإسرائيلي، للحصول على الغطاء الأمريكي، لاستمرار عمل الأنظمة الاستبدادية، مع تغيير الاسم فقط، إذ شكلت إجهاضًا مبكرًا لثورات عربية أرادت نفض الغبار والتراب عن شعوب المنطقة، وشكلت في حينه مصدر قلق إسرائيلي ما زال قائمًا، وإن انخفضت وتيرته، بالتزامن مع الضعف الذي يصيب الدول العربية الحليفة لـ(إسرائيل)، والتغيرات في موازين القوى لغير مصلحتها، والانسحاب الأمريكي من المنطقة.