إن سرقة دولة الاحتلال أرضَ عائلة الأطرش الفلسطينية البدوية التي تقيم على أرضها في النقب قبل قيام دولة الاحتلال بعشرات السنين هي جزء من إستراتيجية صهيونية تستهدف الاستيلاء على جل أراضي النقب، ونزع ملكيتها من البدو لصالح دولة الاحتلال بذرائع مختلفة، تارة أمنية، وتارة للتدريب، وهذه المرة للزراعة والتشجير.
ما يجري في النقب الآن هو تكرار منظم لما جرى في عام ١٩٤٨م حين استولت العصابات الصهيونية على أراضي الفلسطينيين ودورهم وممتلكاتهم، وهجرتهم منها قسرا للمنافي. الآن وتنفيذا لإستراتيجية متدحرجة تعمل جرافات الاحتلال على الاستيلاء على أراضٍ جديدة، وحشر البدو في مناطق ضيقة ومحدودة، وإسكانهم في مبانٍ من العلب!
إن خاصية البدوي تقوم على السكن في مكان فسيح وخلاء واسع، وعلى حب الأرض والتمسك بها، ورفض بيعها أو التفريط فيها، والمحافظة على تقاليد الحياة البدوية العريقة، هذه الخصائص تتعارض مع إستراتيجية الاحتلال، لذا وقعت الاضطرابات في النقب.
الفصائل الفلسطينية استنكرت عدوان دولة الاحتلال على أراضي البدو في النقب، واستنكرت القمع الذي مارسته الأجهزة الأمنية ضدهم، وهددت الفصائل بأنها لن تترك أهلنا في النقب وحدهم مهما كلفها هذا الموقف، لذا يمكن القول إنه ثمة متفجر جديد يدخل على خط التوتر إلى جانب الشيخ جراح والمسجد الأقصى!
إن موقف الفصائل الإسنادي جيد ومهم، ولكن الأهم هو كيف يمكن جمع الكل العربي داخل الخط الأخضر على موقف موحد. نحن نعلم أن المجتمع العربي داخل الخط الأخضر ينقسم على المستوى السياسي والفكري إلى ثلاثة أقسام رئيسة: قسم براغماتي جدا يمثله منصور عباس وعرب الجنوب، وهؤلاء يهتمون بالمسائل الاقتصادية، ويتجنبون المسائل القومية، وقسم ثانٍ في الشمال والوسط وتمثله القائمة المشتركة، وهذا يتمسك بالمسائل القومية، ويقدمها في أجندته على غيرها، وقسم ثالث يرفض الشراكة في الكنيست من حيث المبدأ، وتمثله الحركة الإسلامية، قسم الشمال، ورؤيته أنه لا جدوى من التواجد داخل الكنيست.
هذه الأقسام متفرقة، ومتباغضة أحيانا، ولكل جمهوره، ومع ذلك نقول إن الأرض قاسم مشترك يتوحد عليه المتنازعون عادة، لأنه لا قيمة للرؤى السياسية إذا فقدنا الأرض، لذا أهيب بقادة هذه الأقسام الثلاثة أن يتعالوا على خلافاتهم وأن يتوحدوا على حماية الأرض من السرقة، وإذا ما وقفوا متوحدين فستكون هناك فرصة كبيرة لتراجع الاحتلال عن خططه، ولو من باب المصلحة. انسوا الخلافات الفكرية والسياسية وتذكروا الأرض، وتوحدوا على حمايتها، وهذا في نظري ربما أهم من الإسناد الخارجي الذي يأتي من الفصائل أو السلطة، مع ما للإسناد من أهمية تعبر عن وحدة مكونات الشعب الفلسطيني.