ماذا يعني إطلاق نار من مواطنين مسلحين في جنين على مقاطعة الشرطة احتجاجا على اعتقال ابن الأسير زكريا الزبيدي؟ إطلاق النار كان كثيفا كما أفادت وسائل الإعلام. ومن الجدير التنويه بأن الزبيدي من كوادر حركة فتح، وولده يسير على نهجه في الولاء لفتح، ومن أطلق النار مواطنون من جنين، والراجح أنهم ينتمون لحركة فتح؛ أي إن فتح تفتح النار على أجهزة أمن شكلتها فتح!
المشهد الذي أمامنا مشهد سريالي، ولا يمكن تثبيت صورة المشهد على شكل واحد مفهوم. ولكن لماذا اعتقال نجل الأسير الزبيدي؟ ولماذا إطلاق النار على الأجهزة؟ ثم لماذا إطلاق سراحه إذا كان مذنبا بحجة (كرامة لأبيه)؟ البداية غير مفهومة والنهاية سريالية!
ما يهمني أن المشهد يقول إنه ثمة احتقان داخلي عند المواطنين في الضفة عامة وفي جنين خاصة من تغولات أجهزة أمن السلطة، ورجال المقاطعة. التغولات تتمظهر في الاعتقالات غير المبررة، وفي العدوان الجسدي المبرح على المعتقلين، وقد يصل العدوان الجسدي لدرجة القتل كما في قصة نزار بنات، ويتمظهر أيضا في إهمال المعتقلين داخل السجون دون محاكمات، والعدوان على الصحفيين والمصورين، وخلاف ذلك من أشكال القمع والتغول، ولا سيما الموجهة ضد عناصر من حماس والجهاد، وبالذات عند الاشتباه بحيازة السلاح، أو تقديم مساعدة للمقاومين.
مشهد الاحتقان مسكون بحالة غضب داخلي عند المواطنين، ولا سيما في جنين، حيث يعبرون عنه من خلال التحدي وإطلاق النار على المقاطعة لا بغرض القتل، ولكن بغرض لفت الانتباه والتحذير، والقول بأن الكيل طفح، وليس ثمة قدرة على الصبر. حالة الاحتقان والغضب هي التي تجيب عن سؤال مقدمة المقال: لماذا يطلق مواطنون من جنين النار على مقاطعة الشرطة في جنين؟ إذا كانت هذه الإجابة صحيحة، فما الحل لهذا الواقع المرّ؟