الإرادة فوق القوة، الإرادة هي القوة. وأخيرًا انتصر هشام أبو هواش الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال على قوة السجان وغطرسة السجن. أبو هواش الأسير الذي أمضى ثماني سنوات من عمره بين الحكم الفعلي والحبس الإداري لا يملك قوة مادية لمواجهة السجان. أبو هواش يملك فقط إرادة الحرية. إرادة طلب الحرية عنده فولاذية لا تميل ولا تنطوي. مئة وواحد وأربعون يوما هي أيام إضرابه عن الطعام طلبا للحرية، ورفضا للاعتقال الإداري. المدة طويلة والحالة الصحية له تراجعت كثيرا حتى بات على شفا الوفاة. أبو هواش قال الموت بشرف أو الحرية بكرامة، لا حل ثالث، ولا مساومة على ذلك.
هيئة السجن أدركت أنه لا مناص من الاستجابة لطلب الأسير بالحرية وإنهاء الاعتقال الإداري. الهيئة أدركت أن الوفاة قريبة بعد هذه المدة الطويلة، وأن تدارس حماس والجهاد مؤخرا الملف على المستوى القيادي قيد يفجر حربًا واسعة النطاق. وقد تشتعل السجون بالإضرابات وخلافها. تراجعت هيئة السجون أمام هذه المعطيات والتداعيات وقررت التراجع للوراء ليسجل أبو هواش بمداد الإرادة الفولاذية انتصارًا جيدا على السجن والسجان.
أمس أعلن محامي أبو هواش أن اتفاقا وقّعه مع هيئة السجن بالإفراج عن أبو هواش في ٢٦ فبراير ٢٠٢٢م القادم، وبهذا الاتفاق تنتصر إرادة الحق على إجراءات الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
رسالة أبو هواش تقول لكل الأطراف وعلى رأسهم السلطة في رام الله: إن إرادة الحرية أقوى من سلاح العدو، ومن أموال المقاصة، وأقوى من الاستيطان، فهلّا امتلكتم إرادة تحدي هذا التغول الاحتلالي الإجرامي.
إن التنازل أمام المحتل يغريه بطلب مزيد من التنازلات. إن طلب الحرية وتقرير المصير يحتاج لإرادة أبو هواش، وإن تنازلات عباس تعني عدم استجابة العدو لفكرة الحرية وتقرير المصير، إذ كيف تحصل على تقرير المصير وأنت تتنازل خطوة بعد خطوة. تجربة أبو هواش الفرد هي عينها تجربة السلطة، وهي عينها تجربة فتح. الفرد يعلم الجماعة ويعطي درسا للحزب، والعكس محتمل ولكن بامتلاك إرادة أبو هواش.