مرة ثانية تثبت (القائمة العربية الموحدة الفلسطينية) داخل الخط الأخضر أنها بعيدة عن المفاهيم الإسلامية وتوجيهاتها، ولا سيما التي تتعلق بالمستويات السياسية وتداعياتها في الميدان.
القائمة الموحدة صوتت إلى جانب بينيت والأحزاب المتدينة المشاركة في الحكومة بمنع أميركا من افتتاح قنصلية لها في القدس لتخدم الفلسطينيين. رفض بينيت حاز (٥٨) صوتًا نيابيًّا، والمعارضون لبينيت أحرزوا (٥٦) صوتًا، وكان بإمكان أعضاء القائمة الموحدة أن يمتنعوا عن التصويت، أو يخرجوا من القاعة وعندها يسقط مشروع القرار الذي تبناه بينيت!
القائمة العربية المشتركة التي لا تشارك في الحكومة انتقدت موقف القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، وأحسب أن كل فلسطيني داخل الخط الأخضر وخارجه يدين موقف القائمة الموحدة، لأن قرار رفض افتتاح قنصلية في القدس يعني التأكيد أن القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، وعليه وبحسب القوانين الدولية للسفارات والقنصليات في العالم لا يجوز فتح قنصلية في العاصمة لخدمة شريحة معينة مع وجود السفارة، ويمكن فتح القنصلية خارج القدس، أي في رام الله مثلًا كما يقول بينيت!
تصويت القائمة الموحدة إلى جانب بينيت يعني أن الموحدة تقرُّ السلطات الإسرائيلية على ضم القدس، وعلى توحيدها، وعلى اتخاذها عاصمة، ومن ثمة يمكننا أن نقول: يجدر بالموحدة أن تتوقف عن استخدام كلمة (الإسلامية) في تعريف نفسها، لأن الفقه الإسلامي يدين هذا التماهي مع بينيت، وتلك المداهنة لحكومة الاحتلال من أجل البقاء في الحكومة.
ما حدث ليس خطأ في السياسة فحسب، بل هو خطأ في الفقه والشريعة، وهو من ناحية أخلاقية يعد عيبًا وعارًا على قائمة تمثل قطاعًا من الفلسطينيين! الفلسطيني هو من يخلص لفلسطين، وهو من يدافع عن الحقوق الفلسطينية، والقدس على وجه الخصوص، وفي ظني أن القائمة الموحدة في تصويتها هذا لا تمثل الفلسطينية الحقيقية! وأحسب أن ناخبيها سينفضون عنها في الانتخابات القادمة.
والله عيب، أميركا تريد قنصلية في القدس لخدمة الفلسطينيين في الضفة وغزة، والقائمة الموحدة التي تمثل الفلسطينيين في جنوب فلسطين لا تريد فتح هذه القنصلية! شيء لا يصدق! ولكن ثقتنا بالناخب الفلسطيني في داخل الخط الأخضر أنه لا يؤيد موقف منصور عباس، وأنه مع القدس ومع القنصلية وما تحمل من دلالات سياسية! اللهم احمِ قضيتنا من جهل أبنائها في مقاربة السياسة، ومن فساد تصورات بعضهم في تقدير المصلحة.