إن ديمقراطية التعليم تتعلق إجمالًا بغربلة المناهج التعليمية التي تعتمد على التلقين التقليدي، وهذا الأسلوب أذكى روح الخوف وضعف الشخصية لدى طلبتنا، فنحن نرى هذه النماذج يوميًّا في حياتنا وخلال محاضراتنا، إن إضافة علوم ومعارف عن حضارات الآخرين ليست بالضرورة أن تنسف قيمنا، ولدينا في القرآن الكريم خير مثل إذ يصور لنا حضارات سابقة وهي امتداد وتواصل وتداخل للرسالات السماوية، لماذا نتهم أنفسنا عندما يعاد التفكير في مناهجنا؟! ولماذا نصر على أن الوضع الحالي هو الأفضل؟! ونتساءل: لماذا التشدد في الآراء؟ إننا لم نتعلم من القرآن الكريم أسلوب الحوار والمجادلة، فإذا كنا كذلك فلما هذا التطرف في الآراء؟! دعونا نعِشْ الواقع ونحرص على قراءته بما يخدم طموح الأمة، ونبتعد عن إشاعة الفرقة وبناء المؤامرات، وتفسير الطرح بطريقة سطحية.
لسنا من الذين يديرون ظهورهم لأي مشكلة تصادف مسيرة التعليم، فالتعليم الجامعي بحاجة إلى مزيد من المراجعة، وكثير من التركيز على تطوير مناهجنا، بإكساب طلبتنا مهارات الحوار والبحث والإبداع، وبناء مجتمع ديمقراطي مصغر داخل جامعاتنا هدفه تحقيق رؤية واضحة لمستقبل أجيالنا. لن يفيد الغلو والمكابرة في قضية التعليم التي تشهد انتكاسات تلو الأخرى بسبب مناهج تقليدية بحتة، وكذلك بسبب مخرجاتها التي أصبحت تشكل خطًّا أحمر لسياسات التخطيط في بلداننا العربية، كما أن أسلوب تصيد الأخطاء لن يجدي نفعًا في عصر الانفتاح المعرفي والإعلامي، فالحاجة إلى التغيير في التفكير ليست مطلبًا فحسب، بل هي ضرورة للانتقال من مرحلة التبعية إلى مرحلة القيادة المعرفية، ولن يتحقق ذلك إلا عندما يكون لدينا جيل واعٍ قادر على تحقيق أهدافه من طريق احتياجاته ومتطلباته.
ولا ديمقراطية للتعليم أو لغيره دون صحافة حرة ومستقلة، مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، فالصحافة الحرة هي مدنية وليست حكومية في تكوينها، تعكس بمختلف اتجاهاتها وجهات نظر الناس وتفكيرهم، وتطرح عليهم آراء ومواضيع كثيرة للنقاش، وتوضح وتشرح مشاكل المجتمع، وكل هذا يؤدي إلى توعية كبيرة للمواطنين.
فالمصدر الأهم للثقافة السياسية لأكثر الناس يأتي غالبًا من الصحافة، هذه المدرسة الديمقراطية حيوية لشحذ عقول الطلبة والناس عامة وضمائرهم للدفاع عن حقوقهم أمام جبروت الحكومات وغيرها من أصحاب السلطات المتنوعة.
فالمهم الانفتاح الفكري دون متاهة، ودون تحرك عشوائي أمام الأفكار الهدامة.