52 عامًا مرت على جريمة إحراق المسجد الأقصى، ولا يزال الفلسطينيون يتمسكون بأولى القبلتين وثالث الحرمين، ويقدمون الشهداء من أجل حمايته، ومنع الاحتلال الإسرائيلي من الاستيلاء عليه أو تدنيسه.
وكان المتطرف اليهودي أسترالي الجنسية دنيس مايكل روهان، قد افتعل حريقًا ضخمًا في الجناح الشرقي للجامع القبلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى في 21 أغسطس/آب 1969، التهم كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة.
ويؤكد عدد من الأدلة مشاركة الاحتلال وتورطه في الحريق، إذ أعاق وصول سيارات الإطفاء، وقطع المياه عن منطقة المسجد الأقصى بالكامل، وأذاع نبأ الحريق بعد نحو ساعة وثلث من نشوبه، عدا عن عرقلة تحرك الجماهير المسلمة نحو المسجد، وحصار المدينة لمنع تدفق أهالي الضفة الغربية المحتلة.
وتمر ذكرى جريمة إحراق الأقصى هذا العام في ظل تغيُّر ميداني وسياسي، إذ تتزامن مع معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة في قطاع غزة دفاعًا عن المسجد الأقصى وأهل مدينته المقدسة.
نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ ناجح بكيرات يؤكد أنه بعد مرور 52 عامًا على جريمة إحراق الأقصى لا يزال أهل القدس والفلسطينيون يقدمون أنفسهم لحماية المسجد والمقدسات.
وقال بكيرات في حديثه لصحيفة "فلسطين": كل يوم يشد الفلسطينيون الرحال لحماية المسجد الأقصى والحفاظ عليه، إذ لولا الوجود الإنساني لما أُطفئت النيران التي التهمت المسجد، والتي بقيت مشتعلة من خلال محاولات الاحتلال ومستوطنيه الاستيلاء عليه.
ولفت إلى أن الاحتلال يهدف من وراء حريق الأقصى إلى تغيير الجغرافيا والتاريخ، والحضارة والرموز الإسلامية والمسيحية في المدينة المحتلة، ومحاولة تغيير المشهد عبر خلق رؤية بصرية يهودية جديدة كبديل عن الأقصى.
وأوضح أن ذكرى جريمة إحراق الأقصى هذا العام تمر في وضع جديد صنعته معركة "سيف القدس" التي أثبتت من خلالها المقاومة أن هناك رجالًا وخاصة في قطاع غزة يواصلون حماية المسجد الأقصى و"العاصمة" من الاستهداف والتهويد.
وبين أن معركة "سيف القدس" أوصلت رسالة للاحتلال والعالم أنه لن يتم السماح باستهداف المسجد الأقصى، أو مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أن المعركة أعطت دفعة جديدة لأهل القدس والشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، أنهم أصبحوا يسيرون نحو تحرير المسجد المبارك، وإبقاء المدينة المحتلة عاصمة لهم، وعدم وجود بديل عنها.
رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر يؤكد أن من نفذ جريمة إحراق المسجد الأقصى ليس شخصا واحد كما تم الادعاء، بل الاحتلال هو المسؤول عنه، إذ ليس من المنطقي تنفيذ جريمة بهذا الحجم والسرعة من شخص غريب عن المسجد المبارك أو مدينة القدس.
وقال خاطر في حديثه لـ"فلسطين": إن المجرم أدخل مواد شديدة الاحتراق داخل المسجد الأقصى وحرق مساحة واسعة منه، وهذا يعني أنه تم مساعدته من سلطات الاحتلال التي أوهمت المجتمع الدولي أن من نفذ الحريق سائح، لكن الحقيقة أنها متورطة بالجريمة، خاصة أنها لم تتخذ إجراءات صارمة بحقه، إذ أبعدته إلى أستراليا بعد سنة واحدة فقط من السجن بدعوى أنه "مريض".
ولفت إلى أنه بعد 52 عاما على الحريق، لا تزال عشرات المنظمات الصهيونية تسابق الزمن لتنفيذ الجريمة من جديد، سواء من خلال محاولة هدم المسجد الأقصى، أو التحريض عليه، ومواصلة الحفريات أسفله.
وحول معركة "سيف القدس"، أوضح خاطر أنها أوصلت عدة رسائل، أبرزها أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وأن لغة الدبلوماسية والحوار والمفاوضات "عبثية" أثبت التجارب أنها لصالحه وتعطيه مزيدا من الوقت لاستكمال مشاريع التهويد في الأراضي الفلسطينية.
من جانبها، أكدت جبهة النضال الشعبي أن الذكرى الـ52 لإحراق المسجد الأقصى تأتي في ظل مواصلة حكومة الاحتلال هجومها الشرس على مدينة القدس، عبر التهويد والاستيلاء على الأراضي، وهدم المنازل.
ودعت الجبهة في بيان لها أمس مجلس الأمن الدولي إلى تطبيق قراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وفي المقدمة منها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 لعام 1969 بتاريخ 15 أيلول، الذي دعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس، والتقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري.
ولفتت إلى أن حكومة الاحتلال تستثمر الزمن وتعمل على تغيير الحقائق، لفرض الأمر الواقع على المدينة من خلال مواصلة العمل لإحكام قبضتها على المدينة.
وحذرت من خطر الحفريات التي تتم تحت أساسات المسجد الأقصى التي تهدد بنسفه تمهيدًا لبناء "الهيكل" المزعوم، ضمن حملة مبرمجة ومدروسة تقوم بها التنظيمات الإرهابية اليهودية المتطرفة والجمعيات الاستيطانية المدعومة من حكومة الاحتلال.