يرى مقدسيون أن مشاركة حفنة منهم في انتخابات بلدية القدس المحتلة، يشرعن إجراءات الاحتلال في المدينة التي تعصف بها السياسات العنصرية، عوضًا عن أن ذلك يعطي إيحاءً مضلًا بديمقراطية (إسرائيل) الزائفة.

ويقول وزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة: "إن سلطات الاحتلال تًعد لمرحلة وواقع جديد مختلف تمامًا عن السابق، بعد التغيرات السياسية التي شهدتها المدينة بإعلان الإدارة الأمريكية لها عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة إليها ودمج القنصلية في شرقي المدينة معها".

وعدّ أبوعرفة في حديث لصحيفة "فلسطين"، ترشح الفلسطيني الوحيد رمضان دبش، على رئاسة البلدية "ليس أكثر من ديكور، تريد (إسرائيل) من خلاله تسويق ديمقراطيتها وقبولها للآخر".

وأضاف: "لطالما أراد الاحتلال وجود فلسطينيين في بلدية بالقدس، وللأسف حقق أحدهم تلك الرغبة على الرغم من قاطعة المقدسيين الواسعة للانتخابات".

وتجري الانتخابات البلدية كل خمس سنوات. ومنذ أكثر من خمسين عاما، تقتصر مشاركة الفلسطينيين فيها على حفنة صغيرة منهم.

ويرى أبو عرفة، أن وجود فلسطيني في البلدية لن يعطي المقدسيين أي حقوق إضافة غير تلك التي تريد سلطات الاحتلال منحا إياهم "ولكن الواقع الجديدة بعد نقل السفارة وضم القنصلية، يعني أنه لم يعد للفلسطينيين أي حقوق بالقدس".

وأضاف: "الاحتلال يريد الظهور أمام الرأي العام الدولي والإقليمي كدولة ديمقراطي، والدليل أن مشاركة فلسطينيين في الانتخابات البلدية يستمع إليهم ولآرائهم ولا يمنعون من التصريح بها في الوقت الذي تمنع فيه الدول العربية شعوبها من التعبير (...) ولكن هؤلاء في حقيقة الأمر لا يمثلون سوى أنفسهم".

عدّ الوزير المبعد عن القدس لأسباب سياسية، أن سلطات الاحتلال توظف قبول الفلسطيني في تلك الانتخابات نفسيًا لهدم معنويات المقدسيين الذين يظهرون صمودًا غير مسبوق "وبالتالي هي تريد كسر إدارتهم بإشراك واحد منهم في البلدية، وهذا يعني أنه لم يعد للفلسطينيين في القدس خندقًا يتحصنون به".

ويرى أبو عرفة، أن سياق انتخابات البلدية لا ينحصر بمخطط القدس الكبرى، وإنما يمتد إلى إلغاء فكرة الدولة الفلسطينية؛ فالواقع السياسي والميداني يظهر سيطرة سلطات الاحتلال على مناطق "ج" كافة التي تشكل 63% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، ومعظمها موجود حول القدس وبالتالي هو يمنع إقامة أي كيان فلسطيني.

واحتلت مدينة القدس المحتلة كافة عام 1967، وأعلنتها سلطات الاحتلال عام 1980 "عاصمة موحدة أبدية لـ(إسرائيل)".

ووسعت سلطات الاحتلال مساحة القدس المحتلة إلى 70 كلم بعد أن ضمت أراضي من الضفة. وخصصت 35% منها لبناء المستوطنات، و30% للتوسع الاستيطاني المستقبلي، و22% عدتها أراض خضراء ممنوع البناء فيها تمتد حول المستوطنات. وتشير تقارير رسمية إلى أن المساحة المتبقية للفلسطينيين من القدس هي 13%.

وفي معرض حديثه عن موقف قيادة السلطة إزاء ذلك، قال أبو عرفة: "لا يعول عليها، فهي عرابة الاعتراف بالاحتلال وقومية الدولة، وهي من فتحت الباب لنتنياهو لزيارة سلطنة عمان، بحصول رئيسها على التأشيرة الأمريكية من السفارة في القدس".

ترويض المقدسيين

ويقول المقدسي الفلسطيني جابر أبو صبيح: "لو يعرف الفلسطينيون المقدسييون أنهم سيحققون شيئا من الانتخابات، (...) لكانوا انتخبوا من أجل الحصول على خدمات بلدية، معربًا عن أسفه لمشاركة فلسطيني في تلك انتخابات تديرها دول عنصرية.

ويتابع: "يريد الاحتلال من المقدسي أن يواجه أخاه بتصديه وتعامله مشاكل شرق القدس ليريح نفسه، وفي نفس الوقت ليظهر أن بالإمكان التعايش في دولة واحدة إسرائيلية وليست فلسطينية".

وأوضح غالبية المقدسيين يعزفون عن التصويت لأسباب وطنية أولًا، وثانيا لأنهم يعرفون أن تخطيط البيوت والأحياء أولويتها لبناء مشاريع وأحياء استيطانية في البلد وتهويدها بكثافة، هذه سياسة البلديات وهي سياسة عليا.

ويحق للمقدسيين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية الإسرائيلية، وأعطاهم الاحتلال صفة مقيمين لا مواطنين.

ويعيش في القدس المحتلة 380 ألف فلسطيني، بينهم 15 ألفا فقط يحملون الهوية الإسرائيلية، موزعون بين فلسطينيين متحدرين من القدس ومن المدن والبلدات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 48.

ويحق لنحو 180 ألف فلسطيني التصويت في انتخابات القدس ممن هم فوق السابعة عشرة، ولكن لا يحق الترشح إلا لمن يحمل "الجنسية الإسرائيلية".

وتهدم سلطات الاحتلال بصورة منتظمة منازل ومنشآت المقدسيين بحجة عدم امتلاك تراخيص ترفض تلك السلطات منحهم إياها. وتبدأ تكلفة الرخصة من 500 ألف شيكل (150 ألف دولار).

ويدفع فلسطينيو القدس أكثر من 400 مليون شيكل ضرائب عن الأملاك، ومسقفات للبلدية (أرنونة)، وهذا غير الضرائب الأخرى والغرامات، ولا يحصلون إلا على 10% من الخدمات.