قال الباحث في شؤون القدس، زياد ابحيص، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى عبر ما يسمَّى "عيد العُرش" لتحقيق ثلاثة أهداف، تهدف في مجملها إلى تهويد المسجد الأقصى المبارك، بـ"الاستخدام الاستعماري للطقوس الدينية التوراتية".
وحذَّر ابحيص في حديث لصحيفة "فلسطين" من تعرّض المسجد الأقصى لعدوان هو الأخطر نوعيًا، لم يُشهد له مثيلٌ من قبل، إذ إن الاحتلال يتخذ من كل عدوان يفرضه منصةَ انطلاق نحو عدوان جديد؛ ليكون خطة إحلالية لا تنتهي إلا بإزالة الأقصى من الوجود، مؤكدا أن الحل في إزالة الاحتلال "عبر معركة لا توجد فيها أنصاف حلول".
وبيَّن أهداف الاحتلال الثلاثة من "عيد العُرش"، فأولها: إدخال القرابين النباتية إلى الأقصى لتكريس تعريفه مقدسًا مشتركًا "هيكلًا ومسجدًا في الوقت عينه"، إذ يعتقد أن الاقتراب من تأسيس "الهيكل" المزعوم سيحقق "حلول روح الرب فيه، فيضاف عنصر القداسة للصهيونية"، حسب زعمه.
وعدَّ ذلك خليطًا عجيبًا من الدوافع السياسية والدينية والنبوءات الخلاصية "التي تنقل المعركة إلى الرب ليحسمها، وهو سر هذا الإصرار والسعي والتغاضي حتى عن قراءة المخاطر".
ورأى أن الهدف الثاني يتمثل في فرض أكبر عدد ممكن من المقتحمين، فعداد الاقتحامات عند جماعات "الهيكل" المزعوم يبدأ من رأس السنة العبرية الذي كان قبل ثلاثة أسابيع، ثم "عيد العُرش التوراتي" وهو أول الأعياد الطويلة (يمتد ثمانية أيام)، ما يسمح بإيجاد زخم للاقتحامات.
ونبَّه إلى أن الخطير في اقتحامات "العُرش" التوراتي هذا العام أنها بدأت من حيث انتهت عام 2022 الذي حققوا فيه رقمًا قريبًا من ألف مقتحم، عدا عن إدخالهم قرابين نباتية في نهاية العيد، وهذا ما تحقق في اليوم الأول هذا العام، سواء من عدد المقتحمين أو بإدخال القرابين التي طافوا بها حول الأقصى.
اقرأ أيضاً: محدث 520 مستوطنًا يقتحمون "الأقصى" في رابع يوم لما يسمَّى بـ"عيد العرش"
ولفت إلى أن الهدف الثالث هو استعراض هيمنة شرطة الاحتلال على المسجد باعتبارها هي من تديره بصفته مقدَّسًا، فتضع يافطاتٍ ترحيبيةً مكتوبًا عليها "إدارة جبل الهيكل ترحب بكم"، وتعرّف نفسها باعتبارها صاحبة المكان التي تديره، وتدفع لإعادة تعريف الأوقاف الإسلامية باعتبار أنها تدير "الحضور الإسلامي" فيه فقط.
وبيَّن أن استعراض الهيمنة يتحقق بحضور قادة شرطة الاحتلال وانتشار أفرادها وتطويق الأقصى ببؤر للطقوس التوراتية.
ويعتقد ابحيص أن الجماعات المتطرفة ترى أنها أمام فرصة تاريخية، فما تستطيع فرضه اليوم قد لا تستطيع فرضه غدًا، لذلك تريد تكريس كل قدر ممكن من الوقائع، في ظل غياب رد الفعل العربي والدولي بما يتناسب مع العدوان غير المسبوق على الأقصى.
وشدَّد على أن ما يجري يتطلب بناء استراتيجية بأن الأقصى عقدة الصراع، لأن تهويده هدف مركزي لكل أذرع الاحتلال، محذّرًا من أن الوضع في الأقصى خطير ويؤسس لتزييف في هويته وتحويله لـ"مقدس مشترك"، ما لم تتم المبادرة إلى خوض المعركة بما تستحق.
ولفت إلى أن التجربة تقول إن الرد قد يتأخر كما جاء في هبَّات فلسطينية عديدة عام 2015 بهبة السكاكين، وهبة باب الأسباط عام 2017، وباب الرحمة 2019، ومعركة سيف القدس عام 2021، لكنها لا تغيب، وما يجري اليوم يراكم الانفجار القادم.