فلسطين أون لاين

تقرير "خربة طانا".. الاستيطان الرعوي يهدد بقاءها وينذر بترحيل سكانها

...
مدرسة خربة طانا- أرشيف
نابلس-غزة/ نور الدين صالح:

يعيث المستوطنون فسادًا وخرابًا في منطقة "خربة طانا" التابعة لأراضي بيت فوريك شرق مدينة نابلس بحماية قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي تشكّل لهم غطاءً، وتعطيهم ضوءًا أخضر لاستهداف السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم ومزارعهم.

وتتعرض "خربة طانا" لسلسلة من المضايقات والممارسات العنصرية الممنهجة ضمن ما يُعرف بـ"الاستيطان الرعوي"، في سبيل التنغيص على حياة السكان وصولًا إلى تهجيرهم قسرًا وإحلال المستوطنين بدلًا منهم، حسبما يقول مراقبون.

يؤكد المزارع محي الدين نصاصرة من بيت فوريك أن المستوطنين وبحماية من قوات الاحتلال يشنون هجمة استيطانية شرسة ضد المزارعين منذ عدة سنوات تتمثل بسلسلة من المضايقات الممنهجة.

وأوضح نصاصرة لصحيفة "فلسطين" أن المستوطنين يقطعون المياه عن المزارعين وأراضيهم في خربة طانا، ويغلقون عيون المياه الموجودة هناك، عدا عن هدم البيوت والاعتداء على المواشي وتخريب المزروعات.

وقال: "هذه الأرض ورثناها عن أجدادنا منذ عشرات السنوات، ولا مكان للاحتلال فيها، لكن المستوطنين يمارسون الهدم والتدمير ضدنا"، مشددًا، "مهما اشتدت المضايقات لن نترك أراضينا للاحتلال".

وأشار إلى أن السكان يتجمعون عند كل اقتحام من المستوطنين للخربة، حيث يقفون "سدًا منيعًا" في وجههم لصد ممارساتهم العنصرية.

اقرأ أيضاً: سلطات الاحتلال تداهم خربة ابزيق بالأغوار الشمالية

ويقطن "خربة طانا" التي تقع على سفوح الأغوار قرابة 40 عائلة فلسطينية على مساحة تقدر بـ18 ألف دونم، وتتبع لمحافظة نابلس وهي قريبة من الحدود الأردنية، وتتميز بأنها أرض خصبة صالحة للزراعة ورعاية المواشي. 

بدوره، ذكر الناشط في شؤون الاستيطان من بيت فوريك، محمود الصيفي، أن أرض "طانا" خصبة ويعتمد سكانها على الزراعة وتربية المواشي، وهي موجودة منذ مئات السنين، مشيرًا إلى أنها تُصنف ضمن مناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية.

وأفاد الصيفي لصحيفة "فلسطين"، بأن الخربة عبارة عن كهوف تقع فوق الجبال يتوسطها مسجد يُعرف باسم "الشيخ"، وتضم أيضًا مدرسة خاصة بالسكان، لافتًا إلى أن سكانها يفلحون الأرض بالحبوب والشعير.

وأكد أن الاحتلال يشدد الخناق على المزارعين في السنوات الأخيرة، باستمرار الهدم والتدمير وتخريب المحاصيل الزراعية عدا عن إغلاق عيون المياه الموجودة فيها.

وبيّن الصيفي أن غالبية سكان الخربة يغادرونها "مؤقتًا" في فصل الصيف نظرًا للأجواء شديدة الحرارة فيها، ثم يعودون لها في الربيع لاستكمال الزراعة والرعي، منبهًا إلى أن الاحتلال هدم مدرسة الخربة 4 مرات.

وعدّ اتباع الاحتلال سياسة الاستيطان الرعوي في الخربة، تأتي ضمن مخطط وضعه ما يُسمى "مجلس المستوطنات" من أجل منع وجود الفلسطينيين في تلك المناطق خاصة الواقعة في (ج).

وبحسب الصيفي، فإن الاحتلال وضع مستوطن يحمل اسم "كوكي" في الخربة بغرض التنغيص المستمر على المزارعين ورعاة الأغنام، حيث يترك أغنامَه وأبقاره تعيث فسادًا في أراضي المواطنين، عدا عن محاولته استخدام عيون المياه للسباحة.

إرهاب المواطنين

وأضاف أن الهدف الأساسي من هذه الممارسات هو إرهاب المواطنين في المنطقة، ودفعهم لمغادرتها، مستدركًا: "لكن السكان صامدين حتى الآن وموجودين باستمرار".

من ناحيته، أفاد المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات، بأن أراضي الخربة شاسعة ومفتوحة وتقل فيها الكثافة السكانية الفلسطينية، وهو ما يجعلها هدفًا إستراتيجيًا للاحتلال.

وبيّن مليحات لـ"فلسطين"، أن الاحتلال ومستوطنيه يسعيان للسيطرة على تلك الأراضي بهدف إقامة المستوطنات، وحزام عازل بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وشرق الأردن باعتبارها المنفذ الوحيد لسكان الضفة باتجاه العالم الخارجي.

وأوضح أن الاحتلال يدرج هذه الأراضي ضمن خانة الضرورات الأمنية والإستراتيجية لأحكام السيطرة التامة على الحدود مع الأرض، قائلًا: "إذا نجح الاحتلال في تنفيذ هذا المخطط الفاشي ستتحول الضفة الغربية إلى معازل وجيتوهات تشبه معازل الهنود الحمر".

وشدد مليحات على أن دولة الاحتلال تنفذ أكبر عملية تطهير عرقي في تلك المناطق أمام سمع العالم ونظره، مؤكدًا أن هذا الأمر له انعكاسات خطيرة جدًا على الهوية الفلسطينية للمكان ويقضي على الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، ويخلق تفوقًا ديمغرافيًا لمصلحة اليهود.