فلسطين أون لاين

رفض المساعدة في فكّ حصاره بالمقاطعة

تقرير وثائق مُسرّبة: عباس لم يهتم بلجنة التحقيق بوفاة عرفات وتركها دون ميزانية

...
محمود عباس والرئيس الراحل ياسر عرفات
رام الله-غزة/ جمال غيث:

كشفت محاضر التحقيقات مع شخصيات رفيعة في حركة فتح والسلطة عن دور غامض لرئيس السلطة محمود عباس، في ملف استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وأظهرت وثيقة جديدة ما دار في اجتماع لجنة التحقيق التي تضم ثلاثة عشر شخصًا برئاسة اللواء توفيق الطيراوي، في أيلول/ سبتمبر 2012، عدم مبالاة عباس، بلجنة التحقيق بوفاة عرفات وتركها دون ميزانية.

وأُعلن عن استشهاد عرفات، في مستشفى باريس العسكري في 11 نوفمبر عام 2004م، بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة برام الله وسط الضفة الغربية.

وكانت قناة الجزيرة، كشفت في تحقيق استقصائي لها عن إمكانية وفاة "أبو عمار" بمادة البولونيوم المُشعّة.

شُحّ الموازنة

وفي مداخلة له قال عضو لجنة التحقيق اللواء كمال الشيخ: "عار على اللجنة ألا تبدأ التحقيق مع الدائرة الأولى المحيطة بالشهيد (عرفات) حتى الآن، وليس من المعقول أن تكون لجنة وطنية للتحقيق في استشهاد الأخ أبو عمار معتمدة، ولا يوفر لها موازنة".

وأضاف: "ليس من المنطق أن يذهب رئيس اللجنة للأخ محمد اشتية، على سبيل المثال ويقول له أريد أن أرسل شخصين إلى تونس، ويقول له أين سينزلون؟ وكم يوما سيقعدون؟ وكم سيصرفون؟".

فيما استهجن عضو اللجنة اللواء مازن عز الدين، عدم منح عباس، ميزانية كافية تمكن من الوصول والبحث والتدقيق، "وحينها يتحمل عباس المسؤولية عن أي خلل أو تأخير في عمل اللجنة".

وفي تعقيبه يقول اللواء الطيراوي: "طُرحت اللجنة بعد عام من قرار المؤتمر (مؤتمر فتح السادس) وشكلت بعد عام من قرار المؤتمر وهذا دليل عدم الجدية".

وبحسب الطيراوي فإنه تقدم بموازنة لمكتب اللجنة 3500 دولار مصروفات نثرية وبنزين وغيره، وأرسل رسالة لاشتية في شهر فبراير بصرف عشرة آلاف دولار، "ولم يتم الاستجابة لهذا الطلب".

ويضيف: "عندما قابلت الرئيس، وقلت له إنني طلبت من اشتية، قال لي أنا سأدفعهم، ومنذ ذلك الحين إلى الآن لم يصلني شيء حتى اضطررت قبل أسبوع لأخذ قرض من بنك القدس بمبلغ مئة ألف دولار بكفالة شقيقتي التي تمتلك دونمي أرض.. حتى أؤمن المال للإخوان للذهاب إلى الخارج، لأنني أعلم أن الفشل في النهاية سأتحمله أنا".

اقرأ أيضا: تسريبات اغتيال الرئيس "عرفات".. المجرم لم يكن واحدًا

واشتكى الطيراوي من عدم اهتمام أجهزة أمن السلطة لمراسلات لجنة التحقيق التي بعثت لهم بطلب بحوث أمنية عن أشخاص، كما أن عددا من أفراد الأمن الذين يتحدثون اللغة الفرنسية رفضوا أن يكونوا موجودين عندما يحضر الوفد الفرنسي المكلف بالتحقيق بحادثة اغتيال عرفات.

فيما استنكر اللواء صائب العاجز تشكيل لجنة التحقيق بتكليف من اللجنة المركزية لحركة فتح وليس من عباس.

وأقر اللواء الطيراوي بعدم اهتمام اللجنة المركزية بمتابعة أعمال لجنة التحقيق، قائلًا: "بالنسبة لعدم اهتمام اللجنة المركزية، هذه اللجنة شُكّلت بتاريخ 19 أيلول 2010، وأنا أتحدى إذا في يوم من الأيام سألت اللجنة المركزية ماذا أنجزنا!".

وتابع: "أنا قلت لأمين مقبول (أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح سابقًا) أن يضع القضية على طاولة المجلس الثوري، وسألني أبو مازن إذا كنت أريد طرح الموضوع على المجلس، فقلت له نعم أريد أن أقول لهم آخر تقرير.. وقال لي لا تقل كل شيء.. وقلت له لا أستطيع أن أقول كل شيء".

بينما طالب عضو اللجنة إحسان العابد بضرورة الاستماع لشهادة أبو مازن مثل بقية الشهود لأن اسمه تكرر في الكثير من القضايا، فيما شكك اللواء كمال الشيخ بنوايا  عباس "لأنه لم يأخذ الموضوع بشكل جدي".

بناية العار

وكشفت وثيقة أخرى شهادة مستشار عرفات، محمد رشيد (خالد سلام) التي تم الاستماع لها في منزل سفير السلطة في قبرص في 21 أيار/ مايو 2013، بحضور الطيراوي.

وذكر رشيد أنه "عندما عاد أبو مازن من الخارج لم تكن العلاقة ودودة بينه وبين أبو عمار والكل كان يعرف ذلك".

وتابع: "أنا ذهبت على عاتقي الشخصي وطلبت سيارة مصفحة لأبو مازن (...) وذهبت لأبو عمار وقلت له وقّع هذه الأوراق، قال لي لماذا؟ فقلت له سيارة مصفحة لأبو مازن، قال لي معه سيارة في تونس، فقلت له الكل يعلم أنكم لستم على وفاق، ولو تم إطلاق النار على أبو مازن سوف تكون أنت المتهم. ثم وقّعها الرئيس".

وقال مستشار عرفات، إنه ذهب لأبو مازن ليطلب منه المساعدة في فك الحصار عن أبو عمار فكان رده: "اللي طلّع الحمار على المئذنة ينزله"، و"من يعطي النقود لمن يطخطخوا يحل مشكلته لوحده وليس شأني"، في إشارة منه إلى دعم عرفات لانتفاضة الأقصى.

ويجزم أمين عام مجلس الوزراء (في حينه) أحمد عبد الرحمن، في وثيقة مسربة في 12 سبتمبر/ أيلول 2011، أن حصار مقر المقاطعة كشف تآمر بعض الشخصيات عليه عندما اجتمع عدد من قيادة فتح بحضور أبو مازن فيما تعرف "ببناية العار"، وهي بناية في رام الله كان بها شقة آمنة، بهدف الاتفاق على بيان يعدل من السياسة التي يسير عليها الراحل عرفات.

وذكر عبد الرحمن، أن "أبو مازن كان يخشى من عرفات، وقت حصاره، حتى أنه في ذات مرة كان يمشي على رؤوس أصابعه قبل الدخول لمكتب أبو عمار، ولم يستطع أن يدخل إلا عندما رافقه عبد الرحمن، وكان حينها مرتبكًا جدًا".

اقرأ أيضا: خلافات قادة السلطة تفضح دورها في طمس ملف اغتيال "عرفات"

ولفت إلى أن عرفات، كان يتحسس من الاجتماعات الخاصة المنفردة التي يعقدها أبو مازن فور توليه رئاسة الوزراء، خاصة بعدما طلب عباس أن تكون الإذاعة والتلفزيون تحت إمرته.

تصفية الخلافات

من جهته، قال المتحدث باسم التيار الإصلاحي في حركة "فتح" عماد محسن: إن التسريبات ناجمة عن الخلافات والانقسام والتصفيات بالسلطة وحركة فتح وأعضاء لجنتها المركزية لمصلحة حسابات ضيقة تتعلق بفريق معين.

وأضاف محسن لصحيفة "فلسطين": "إن التسريبات كشفت أن متنفذين بالسلطة كانوا على مقربة من أبو عمار في أيامه الأخيرة، وربما يكون لهم علاقة بالحادثة"، مردفًا: "لكن الوثائق لم تطلعنا على القاتل والمجرم الحقيقي ومن وضع السم وأعطاه لعرفات، ومن غطى عليه حتى لا ينكشف".

واستغرب إخفاء الوثائق المتعلقة بالتحقيق باغتيال "أبو عمار" طوال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية لم تؤكد بعد أن تلك الوثائق كاملة أو مجتزأة أو أنها محرفة، متسائلًا: "وأين بقيتها؟".

ورأى أن الوثائق قالت كل شيء إلا الأدلة الجنائية، التي يمكن أن يتم الذهاب بها إلى المدعي العام أو النائب العام أو لمحكمة خاصة لمحاسبة القتلة، وجعلت البعض يتساءل من الذي سرب الوثائق؟ ولماذا سربت؟".