"وجود حالات إنسانية صعبة ومسنين بأمسِّ الحاجة للعناية والرعاية"، دفع اللاجئة الفلسطينية جندية الدهيني، إلى أن تحمل على عاتقها خدمة هذه الفئة، وتقديم الرعاية الشخصية لمسنين ليس لهم معين، بحسب ما يتوافر من إمكانات بسيطة.
وبدأت الدهيني التي تعيش في مخيم جرش "غزة" للاجئين الفلسطينيين (شمال الأردن)، تطوعها في العمل مع كبار السن، ورعايتهم صحيا ونفسيا وتعليميا، ومتابعة تغذيتهم، وتنظيم رحلات ترفيهية للترويح عنهم في عام 2004.
حادثة فارقة
وتضيف الدهيني، وهي تستذكر أسباب حرصها على خدمة المسنين، "كان لدينا جار مسن منقطع عن أقاربه، وكنت أرسل إليه الطعام وأعتني به، وفي أحد الأيام غبت عنه لمرض والدي رحمه الله، ولمّا عُدْته وجدته مُلقىً على الأرض في وضع صعب، واصطحبته إلى المستشفى لتلقي العلاج وسط استغراب الأطباء، من رعايتي له، رغم أنه ليس من أقاربي".
بهذه القصة الحزينة، بدأت الدهيني رواية تجربتها مع كبار السن، وتطوعها لخدمتهم، وتتابع: "لهذه الأسباب، منحت اهتمامي لفئة كبار السن الذين يعانون عدم وجود تأمين صحي لهم لكونهم من أبناء غزة وهم لاجئون فلسطينيون في الأردن لا يحملون أرقاما وطنية".
وتؤكد الدهيني لـ"قدس برس"، أن خدمتها التطوعية لكبار السن في المخيم، كشفت لها عن حجم التهميش الذي يتعرض له المسنون الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة، من المؤسسات الحكومية والمجتمعية، لافتة الانتباه إلى نجاحها في إجراء عمليات جراحية لبعض المسنين بالتواصل مع أطباء اختصاص؛ بسبب الوضع الاقتصادي السيئ في المخيم.
وأشارت الناشطة المجتمعية التي تخدم نحو 700 مسن في المخيم والقرى المجاورة، إلى حزنها على حال المسنين في المخيم، رغم الترابط الاجتماعي القوي بين السكان، مؤكدة أن وجود ثقافة مجتمعية لا تحبذ التعامل مع بيوت المسنين، وعدم توافرها للغزيين، وقلة ذات اليد، زاد من معاناتهم.
الراحة النفسية أولًا
وبينت أن "الجانب الإنساني مهم جدا في رعاية المسنين، وأنهم يحتاجون للاهتمام النفسي بالدرجة الأولى؛ ما دفعها لتنظيم لقاءات تجمع كبار السن، يتخللها نشاطات تعليمية مثل محو الأمية والتثقيف الديني وتنظيم رحلات ترفيهية للمناطق القريبة".
وأوضحت الدهيني أنها تشعر بالسعادة الغامرة عندما ترى كبار السن فرحين بمثل هذه اللقاءات والرحلات التي كانت تنظمها بالتعاون مع الجمعيات الخيرية داخل المخيم وخارجه.
وعبرت الدهيني عن امتنانها لجمعيات خيرية ومنظمات ومتبرعين ساعدوا في خدمة هذه الفئة بقدر استطاعتهم، آملةً إيجاد داعم مستمر للمشاريع الموجودة لخدمة هذه الفئة.
وذكرت أنها تساهم في تقديم الرعاية الصحية والأدوية والعلاجات والأجهزة الطبية، التي يحتاج إليها بعض المرضى من كبار السن، مثل: أجهزة المشي والعربات وجرار الأكسجين، عبر التواصل مع المتبرعين والمحسنين في مجموعات التواصل الاجتماعي.
وتعبر عن حزنها الشديد لعدم مقدرتها أحيانا على تأمين بعض هذه الأدوية والمتطلبات الطبية والصحية لعدم توافرها في مجموعات التواصل الاجتماعي، مضيفة أنها تسعى لإنشاء شبكة تواصل بين مقدمي الخير ويد العون للمسنين مباشرة.
وتفيد بأنها تعمل مع جمعية تنمية قيد الإنشاء، لتوفير غرفة علاج طبيعي وغرفة رياضية، إضافة لمسطح يسمح للمسنين بالتعرض للهواء وأشعة الشمس المفيدة لأجسامهم، التي يفتقدونها في بيوتهم المتواضعة.
وأسس مخيم جرش الذي يعرف باسم مخيم غزة، نسبة إلى أصول العائلات التي تسكنه، على بعد (7) كم من مدينة جرش شمال الأردن، عام 1968، ويسكنه حوالي 34 ألف لاجئ فلسطيني، بحسب دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن.