اليوم هو الأول في العام الميلادي الجديد 2022، وهو الذي وصلنا إلى حدوده بعد 28 سنة من الرياضة في عهد السلطة الفلسطينية، والتي انقسمت مناصفة إلى قسمين، الأول في الفترة من 1994 إلى 2008، والثاني من 2008 إلى 2002، ولكل فترة ما لها وما عليها.
اليوم وبعيداً عن المقارنات والظروف التي مرت بها الرياضة في الفترتين المذكورتين، والتي حظيت فيه الفترة الثانية بكل الدعم المالي والسياسي الكبيرين واللامحدودين، إلا أن الواضح للأعمى أن السنوات الـ28 الماضية خلت من أي إنجاز يُذكر أو التحضير إنجاز.
إن هذا العام الجديد يضعنا أمام مسؤولياتنا الرياضية لا سيما في ظل أن ختام 2021 لم يكن مسكاً، فقد شهد عدة انتكاسات رياضية في مختلف الرياضات، وبالتحديد كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم وفي فلسطين.
علينا أن ندعوا إلى السير في طريق من طريقين لا ثالث لهما، الأول طريق الاعتراف علناً بأننا لم نُحقق شيئاً وشرح أسباب عدم تحقيق أي إنجاز والعمل على استخلاص العِبَر من أجل تدارك الأمور وعدم الوصول إلى الدرك الأسفل.
والطريق الثاني هو طريق نسيان الماضي والبدء من نقطة الصفر، وإن كان ذلك مؤلماً كوننا أهدرنا أكثر من ربع قرن من المراوحة في نفس المكان، ولتكن السنوات الثمانية القادمة حتى العام 2030، هي سنوات وضع الرؤية الحقيقية لما نصبو إليه وما نريد تحقيقه.
لا مناص من أحد الطريقين وكلاهما سيوصلان الرياضة الفلسطينية إلى بر الأمان، فالطريق الأول يتطلب الشجاعة في الاعتذار والدعوة لتوحيد الجهود والأفكار وحشد الطاقات لخدمة الوطن رياضياً، على قاعدة الشراكة وتنظيف الطريق من كل من كان متراساً امام النجاح، وفتح الباب على مصراعيه لكل الطاقات التي تم تهميشها خلال السنوات الماضية من باب العلاقات الشخصية.
والطريق الثاني يتطلب الترتيب لعقد مؤتمر يضم أبرز الكوادر الرياضية وأبرز الأكاديميين الرياضيين وأبرز أصحاب الخبرة في مختلف الألعاب، من أجل انتخاب هيئة أو مجلس استشاري يكون ذراع لأعلى سلطة رياضية لوضع استراتيجية ورؤية قصيرة الأمد لتمهيد الطريق لوضع استراتيجية طويلة الأمد من اجل وضع فلسطين على طريق المنافسة في كل الألعاب والرياضات لتكون الرياضة أحد عناصر دعم القضية الفلسطينية على الساحات العربية والإقليمية والقارية والعالمية.
لدينا طاقات ومواهب داخل فلسطين وخارجها بإمكانها أن تضعنا على منصات التتويج، وهي بحاجة إلى دعم ورعاية وفق استراتيجية واضحة وصريحة لصناعة بطل يمنح فلسطين المُحتلة مكاناً على منصات التتويج والميداليات في الدورات العربية والآسيوية والأولمبية والبطولات العالمية، حيث ستكون أبلغ رسالة للعالم أن الشعب الوحيد الذي لا زال يرزح تحت الاحتلال ويُعاني ويلاته، يستحق الدعم والمساندة لنيل حريته واستقلاله.
إن البقاء في الدوران في دائرة مُفرغة لن يفيد أحداً لا الرياضة ولا القائمين عليها، فالنجاح للجميع والفشل للجميع، هذه هي سفينة رياضتنا، فلا يحق لقبطانها أن يسير بها نحو جبل من الجليد، ولا يجوز لراكبيها القفز منها دون محاولة للمساهمة في تعديل وتصويب القبطان والطريق، فإذا أبعدنا السفينة عن جبل الجليد نكون قد نجونا جميعاً، وإن سكتنا عن القبطان سنكون ضحايا سوء الإدارة.
اليوم لدينا مثال واضح على امتلاكنا القدر على الوصول للمنصات وقد وصلناها بالفعل بواسطة الرباع محمد حمادة الحاصل على 3 ذهبيات في البطولة العربية، بفضل جِده واجتهاده وتعب ومتابعة شقيقه المدرب حسام حمادة، ورعاية اتحاد رفع الأثقال برئاسة الدكتور خالد الوادية، وهو جهد ثلاثي لا رابع له، وبدون الطرف الرابع وهو اللجنة الأولمبية الممثلة للدولة، فلن نصل إلى المنافسة عالمياً.
علينا أن نبدأ من اليوم في وضع رؤية للرياضة الفلسطينية حتى العام 2030 ومن ثم 2050، لنكون قد مهدنا الطريق للأجيال التي ستأتي بعدنا وتقرأ الفاتحة على قبورنا وتترحم علينا.