فلسطين أون لاين

تقرير "حرير" ترسم البسمة على شفاه الأطفال المرضى بالسرطان

...
عمان - غزة/ مريم الشوبكي

 

في سن صغيرة فقد نهاد دباس خاله بعد أن فتك مرض السرطان بجسده، وأفقده العلاج الكيميائي شعره وشكله الذي ألفه دباس، الذي دفعته معايشته وجع خاله للتفكير في صناعة "باروكة" لمرضى السرطان من الأطفال والنساء لتكون بديلًا عن شعرهم، وترسم الابتسامة على محياهم.

رهن إشارة "حرير"

فـ"دباس" الذي كان يمتهن "تصفيف الشعر" سعى جادًا منذ عام 1999م لجعل حلمه، بإطلاق مبادرة "حرير" للتنمية المجتمعية، التي تُعنى بتصنيع شعر مستعار لمرضى السرطان؛ حقيقة.

ولاحقًا ترك دباس مهنته، وكرسّ كل ما يملك من وقت وجهد ومال لمبادرته الإنسانية، إيمانًا بأن "حرير" ستحقق بصمة في هذا العالم، حتى تحولت إلى مؤسسة دولية تمنح الشعر المستعار للأطفال مجانًا.

وكانت بداية مشروعه إطلاق حملة تبرعات "باروكة الأمل"، وفيها تبرع الناس بخصلات من شعورهم، شكلّت "اللبنة الأولى" لـ"تصنيع" عدد كبير من "الباروكات" وتقديمها لمرضى سرطان من الأطفال، ما رسم البسمة على وجوههم.

والشاب "دباس" الفلسطيني الأصل (يقيم حاليًّا في الأردن) يقول لـ"فلسطين": "لاحقًا أصبحنا نحلق شعر الطفل المريض قبل خضوعه للعلاج الكيميائي أو زراعة النخاع الشوكي، ونحوله إلى "باروكة" يرتديها بعد العلاج، لأنها تتناسب مع الشعر الذي كان في السابق".

ويبين أن هذه الخطوة تغمر قلب الطفل المريض بالسعادة، لأنها تحافظ على شكله القديم الذي يحبه، مضيفًا: "المبادرة غير ربحية، فنحن نقدم الشعر المستعار مجانًا للمرضى الذين يتواصلون معنا عبر صفحتنا في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)".

ويطلع موظفو المؤسسة على التاريخ المرضي لطالبي "الباروكة"، ثم يجمعون شعرًا لهم من متبرعين، ويحيكون لهم الباروكة المطلوبة.

دمج المرضى

ويبين دباس أن "حرير" منذ انطلاقتها في عام 2017 هدفت إلى دمج مريض السرطان في المجتمع، وإدخال السعادة على نفسه، بعقد مهرجانات، وفعاليات ترفيهية وتوعوية.

ويشير إلى أن "حرير" تقدم الشعر المستعار ليس فقط للأطفال من مرضى السرطان، بل للكبار أيضًا، ولمَنْ يعانون فقدان الشعر بسبب أمراض كـ"الثعلبة"، أو إصابتهم بحروق.

ويلفت دباس إلى أن ما يراوح من 20-30 سم من شعر أي متبرع يمكن تحويله إلى "باروكة"، وأن الكيلوجرام الواحد من الشعر يمكن صناعة "باروكتين" أو ثلاثة منه.

وتعمل "حرير" حاليًّا على مبادرة "لوحة الأمل"، حيث يدعى الأطفال المرضى وذووهم لرسم لوحات فنية تعرض في معارض متخصصة، تشهد تفاعلًا من المجتمع المحلي. 

بماذا تختلف باروكة" حرير عن الشعر المستعار الذي يباع في الأسواق؟ يجيب دباس: "الباروكة الجاهزة تصنع من البلاستيك وتسبب حساسية لرأس الطفل، أما باروكة حرير فتصنع من الشعر الطبيعي بعد معالجته، وتعقيمه، ووضع بروتين عليه، وفق معايير عالمية تضمن مُناسبته للأطفال".

ويتبرع أهالي الأطفال الذين تُوفي أبناؤهم بمرض السرطان بالشعر المستعار الذي حصلوا عليه من "حرير"، لكي يستفيد منه أطفالٌ مرضى آخرون، ليُدخلوا السعادة والابتهاج على نفوسهم، "في حين تخضع المؤسسة تلك التبرعات لإعادة معالجة وتعقيم"، وفقًا لقوله.

ويطمح "دباس" إلى إنشاء مصنع لصناعة الشعر المستعار يتمكن من طريقه من توفير "الباروكة" لكل طفل مريض في العالم، "فـ"الباروكة" تصنع في 140 يومًا، ولكن عند توافر أيدٍ عاملة كافية يمكن صناعتها في 30 يومًا فقط". 

ويدعو المجتمعات العربية والعالمية للمساهمة في رسم الابتسامة على شفاه المرضى الأطفال، حتى تتمكن "حرير" من تخطي الحدود، والوصول إلى كل طفل مريض في العالم.