فلسطين أون لاين

​عيد الفطر فَتَح أبوابًا للرزق في غزة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

قبيل قدوم عيد الفطر ببضعة أيام شرع الشاب علاء جودة بتجهيز أرجوحة الأطفال الصغيرة ذات الحركة المستديرة، كي يثبت أركانها في الأراضي الرملية المجاورة لمنزله غربي مدينة غزة، لعل مردودها المالي يكون عاملا مساعدا في تحسين ظروف معيشته ولو بشكل جزئي.


ويعد جودة (28 عاما) واحدا من بين مئات الغزيين الذين يستغلون المناسبات السنوية لتأمين قوتهم اليومي والكسب الحلال من خلال الاشتغال ببعض المهن الموسمية التي يزداد الإقبال عليها سواء من عموم الناس أو الأطفال تحديدا.

وفور تأدية الشاب العشريني صلاة العيد جماعة في مسجد الحي، ينطلق نحو تشغيل الأرجوحة واستقبال الأطفال منذ ساعات الصباح الباكر حتى قبيل غروب الشمس، وذلك طوال أيام العيد الثلاثة.

ويقول جودة إنه لجأ إلى هذا العمل، الذي يجمع بين المتعة والمشقة، نظرا لانعدام أي مصادر دخل أخرى، فهو يعمل خلال شهر رمضان كمسحراتي لأهالي الحي وكذلك يبيع بعض الحاجيات ومستلزمات الإفطار في السوق نهارا، مقابل أجر مادي لا يكاد يتجاوز الـ 25 شيكلا يوميا.

وعن العمل في العيد يضيف جودة لمراسل "فلسطين": تجري الاستعدادات في الأيام الأخيرة من رمضان عبر تجهيز الأرجوحة والتأكد من سلامتها ودهانها بالألوان الزاهية التي تجذب الأطفال وتدخل البهجة إلى قلوبهم، ثم يبدأ العمل عليها طوال أيام العيد حتى قرب أذان المغرب.

ويحاول جودة الموازاة بين متطلبات العيد من زيارات الأرحام والخروج مع الأهل عبر تقاسم حمل المتابعة مع شقيقه الأكبر، وذات الأمر يفعله في تقاسم مجمل الأرباح بجانب شريك ثالث عمل على شراء الأرجوحة على نفقته الخاصة.

مهن متعددة

الشاب فادي طموان خريج قسم الإرشاد النفسي الذي لم يجد عملاً منذ أكثر من أربع سنواتٍ يوافق تخصصه، بات يعد العيد موسماً للرزق فيلجأ إلى ابتداع أسبابٍ لجني المال الذي يساعده على تأمين المتطلبات الكثيرة لعائلته المكونة من 7 أفرادٍ منهم أطفال صغار.

ويقول لـ "فلسطين" :"مرةً أصنع غزل البنات وأبيعه في الأماكن العامة، ومرةً أخرى أبيع العنبر أو التفاح المكرمل، وفي أحيان كثيرة أبيع البالونات أمام محال البوظة والحلويات التي يقصدها الناس في العيد".

ويضيف: "دفعتنا الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية داخل غزة إلى البحث عن فرص العمل في مختلف المجالات حتى وإن كانت بعيدة عن التخصص الجامعي"، مشيرا إلى أنه خلال إجازة عيد الأضحى يلجأ إلى العمل في مجال تجهيز اللحوم وشوائها، حيث يكثر الإقبال على تلك المحلات بعد ذبح الأضاحي.

وبعد انتهاء أيام العيد يعود الشاب العشريني لممارسة عمله الخاص، المتمثل ببيع المشروبات الساخنة والباردة عند أحد المفترقات الرئيسية، من خلال عربة صغيرة متحركة نجح بتجهيزها قبل قرابة العام من خلال دعم مالي من جمعية خيرية تعنى بتشغيل الخريجين والعاطلين عن العمل.

وفادي ليس بدعاً من قوم العاطلين عن العمل في قطاع غزة، فكثيرون مثله يرون في موسم العيد مصدراً لكسب الرزق بين فترات الركود الاقتصادي الكبيرة التي تمر بها غزة بسبب الحصار المستمر منذ ما يزيد على 10 سنوات.

العمل في الميناء

أما الفتى فراس القيق وهو صاحب إحدى سيارات الألعاب التي تلف بالأطفال في محيط ساحة ميناء الصيادين، غربي مدينة غزة، فقد بدأ بتزيين سيارته بالبالونات وصور الرسوم الكرتونية المختلفة، بالإضافة إلى ورق الكورنيش الملون قبل عدة أيام من قدوم العيد، فيما زودها ببعض أغنيات الأطفال المحببة زيادةً في عامل الجذب خلال ليل ونهار العيد.

وبعد قرابة العشر ساعات من العمل المتواصل، يحصّل القيق (15 عاماً) ما يزيد على 80 شيكلا، إذ تعد أيام العيد مصدرا جيدا لتحقيق الربح، مقارنة بفترة شهر رمضان حيث يتراجع مستوى الدخل نظرا لمحدودية الوافدين إلى الميناء في نهار رمضان.

وكان فراس قد لجأ إلى العمل في ساحة الميناء بجانب التزامه بالتعليم المدرسي، بسبب احتياج عائلته إلى المال، بعدما أصبح رب الأسرة غير قادر على توفير الاحتياجات الأساسية لعائلته بعدما أصيب إصابة حرجة أثناء عمله في مجال الإنشاءات والبناء عام 2012.

ويعد ميناء غزة منفذا رئيسيا للباعة المتجولون الذين يتنوعون في مجال عملهم ما بين بيع المشروبات الساخنة أو المرطبات الباردة بجانب الذرة المسلوقة أو المشوية على الفحم وغيرها من الحاجيات، وذلك في محاولة من البائعين لتأمين قوتهم اليومي والكسب الحلال.