فلسطين أون لاين

تقرير نزار بنات.. أيقونة قمع السلطةِ المعارضةَ بالاغتيال

...
نزار بنات (أرشيف)
رام الله-غزة/ أدهم الشريف:

شكَّل اغتيال أجهزة أمن السلطة عضو قائمة "الحرية والكرامة" الانتخابية المعارض السياسي نزار بنات (43 عامًا)، في 25 حزيران (يونيو) الماضي بمدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة؛ أحد أهم أحداث قمع السلطة الناشطين والمعارضين وملاحقتهم خلال عام 2021.

وإن كان بنات يلقى اهتمامًا ومتابعة كثيرين من النشطاء والأكاديميين قبل جريمة اغتياله؛ فقد بات اسمه الآن أيقونة معارضة سياسية عالمية، تدفع النخب السياسية والأكاديمية والعلمية للاعتصام احتجاجًا على استمرار السلطة في نهج قمع الحريات العامة، خاصة حرية الرأي والتعبير، واستمرار الاعتقالات السياسية بحق مئات المعارضين.

وصعدت السلطة حملات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية بعد جريمة اغتيالها بنات، خاصة بعد خروج المواطنين إلى الشارع للمطالبة بمحاكمة قتلته، والمخطط الرئيس للجريمة.

وبنات من النشطاء البارزين ضد سياسات السلطة، إذ كان ينتقد بشدة سياساتها وأشخاصًا متنفذين فيها ويتهمهم بالفساد، عبر منشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو فيديوهات يتحدث فيها.

واحتوى فيديو نشره بنات على حسابه في "فيس بوك" قبل مدة قصيرة من جريمة اغتياله على انتقادات حادة لصفقة لقاحات فاسدة، بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، إذ قال فيه: "إن فضيحة لقاحات فيروس كورونا ليست سلوكًا جديدًا، وهناك أشخاص متنفذون ومرتزقة في السلطة، ويبدو أن هؤلاء يريدون ترك البلد خرابًا قبل الخروج منها".

وكان بنات يتمتع بشخصية قوية جعلته يحكي مرارًا وتكرارًا ضد فساد بعض الشخصيات المتنفذة في السلطة، في إثر ذلك اعتقلته أجهزة أمن السلطة عدة مرات، واعتدت عليه.

وأدرج بنات على رأس قائمة "الحرية والكرامة" لخوض الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في أيار (مايو) الماضي، قبل أن يعطلها رئيس السلطة محمود عباس بقرار منفرد.

رفض الهيمنة

وقال رئيس قائمة "الحرية والكرامة" د. أمجد شهاب: "إن بنات دأب على انتقاد السلطة، خاصة التجاوزات في الملفات الكبيرة مثل صفقة اللقاحات الفاسدة، واستهداف الشخصيات البارزة فيها، وعلى رأسهم رئيس الوزراء محمد اشتية، وآخرون يتحكمون بالسلطة ويدعمون منظومتها الأمنية".

وأكد شهاب في حديث لصحيفة "فلسطين" أن بنات كان من أشد الرافضين هيمنة السلطة على منظمة التحرير، ويؤمن أنه ينبغي أن تكون هي المرجعية الحقيقية، بعدما أصبحت في الواقع جسمًا مشلولًا يستخدم أداة لإعطاء صبغة رسمية للسلطة.

وأضاف: "إن بنات عندما بدأنا تشكيل القائمة الانتخابية كان يرفض بشدة فكرة الانتماء السياسي، وأراد أن تضم القائمة شخصيات مستقلة تمامًا، ورافق ذلك حملة تشويه كبيرة شنتها السلطة علينا".

ولفت شهاب إلى أن السلطة حاولت إظهار المعارض السياسي بنات "ملحدًا"، ويتبع أجندة دولية، ويتلقى أموالًا من أطراف خارجية، لكنه رغم ذلك تمتع بحضور واسع بين مجتمع المثقفين والنخب السياسية، مشيرًا إلى أن تعمد استهدافه كان بسبب أن السلطة تراه "الحلقة الأضعف" أمامها، وبالفعل قبل جريمة اغتياله بنحو شهرين حدثت جريمة إطلاق نار على منزله.

الاصطدام بالسلطة

وقال عضو التجمع الديمقراطي الناشط السياسي عمر عساف: "إن جريمة اغتيال بنات أبرز أحداث عام 2021، إضافة إلى إقدام رئيس السلطة على تعطيل الانتخابات، ومعركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة بغزة في مايو الماضي، دفاعًا عن القدس المحتلة والمسجد الأقصى، ووحدت الشعب الفلسطيني".

وفيما يتعلق بجريمة اغتيال بنات رأى عساف في حديث لـ"فلسطين" أنها شكلت سابقة لم تشهدها الحالة الفلسطينية في تاريخها، إذ إنه لم يقدم أحد على اغتيال شخص بهذا الشكل لأن رأيه لا يناسب السلطة القائمة، وقد رافق ذلك تصعيد أجهزة أمن السلطة قمعها للفعاليات المناوئة لجريمة اغتياله.

وأضاف: "إن بنات شكل حالة تحدت السلطة ووصلت إلى مرحلة الاصطدام بها، وأصبح اسمه بعد جريمة اغتياله أيقونةً للدفاع عن الحقوق الوطنية الأساسية، وحرية الرأي والتعبير والنظام".

وحسب تقارير موثقة؛ إن أجهزة أمن السلطة ارتكبت 222 انتهاكًا بحق المواطنين على خلفية سياسية خلال تموز (يوليو) 2021، وصعدت من سياسة قمع الاحتجاجات التي خرجت تنديدًا بجريمة اغتيال بنات، ولاحقت المشاركين فيها، أو من يعبر عن رفضه الجريمة.

وفي المدة ذاتها طالت انتهاكات السلطة 31 أسيرًا محررًا، و20 معتقلًا سياسيًّا سابقًا، و22 صحفيًّا، وطلبة جامعات وأطباء ومعلمين، وناشطين شبابًا، وحقوقيين، ومهندسين، ومحامين، ومحاضرين جامعيين، ودعاة، وفقًا لتقرير للجنة المعتقلين السياسيين.

ووثقت مجموعة "محامون من أجل العدالة" أكثر من 45 حالة اعتقال سياسي بالضفة الغربية في المدة (1-20) كانون الأول (ديسمبر) 2021، ولا تزال انتهاكات أجهزة أمن السلطة مستمرة.