قبل أيام طرح النائب الفلسطيني محمد دحلان زعيم ما يسمى التيار الإصلاحي في حركة فتح فكرة حل الدولة الواحدة بديلا عن حل الدولتين "اتفاقية أوسلو" وتحديا للاحتلال الإسرائيلي، لأن اتفاقية أوسلو باتت في حكم المنتهية، وحل الدولتين لم يعد قابلا للتطبيق.
الغرابة لم تكن في طرح محمد دحلان، فهو ليس أول من يطرح هذه الفكرة، وإنما الغرابة فيما ذهب إليه المحللون السياسيون، باعتبار أن هذا الحل يعد مناورة سياسية لإحراج دولة الاحتلال "إسرائيل" أمام المجتمع الدولي وإظهارها دولة عنصرية، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك حيث طالب بتوافق فصائلي وشعبي على هذه المناورة والمضي قدما في تنفيذها.
حل الدولة الواحدة هو منح شرعية للكيان الغاصب على كل التراب الفلسطيني، ولا يجوز المناورة ولا المقامرة بالثوابت الفلسطينية، نحن لا نقاتل حتى يساوي المحتل بين الشعب اليهودي المغتصب والشعب الفلسطيني صاحب الحق. شعبنا يقاتل من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، معركتنا مع العدو الإسرائيلي من أجل إخراجه من أرضنا وليس إحراجه بمنحه الشرعية عليها، ولذلك فإنني أسمي ما ذهب إليه كثير من المحللين السياسيين بأنه لعب عيال وهرطقات ويجب على أصحابها إعادة النظر في طريقة تفكيرهم.
من قال إن الخيارين الوحيدين أمام الشعب الفلسطيني لحل القضية الفلسطينية هما حل الدولة الواحدة وحل الدولتين، ومن قال إن العلة في المشروع فقط وليست في أصحابها، أنا أعتقد أن أوسلو ماتت وماتت فكرتها وكاد أن ينتهي أصحابها، ومحاولة خداع الشعب بحل الدولة الواحدة هو من أجل بث حياة جديدة لمن انتهى دورهم بفشل مشروعهم، أو هو مخطط من أجل استكمال عملية التنازل عن الوطن بعدما تم التنازل رسميا من جانب منظمة التحرير عن ثلاثة أرباعه.
إذا عجز هذا الجيل عن تحرير كامل التراب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي يمكنه اعتماد التحرير المرحلي ولا يكون ذلك إلا بما تفعله فصائل المقاومة في غزة وما يفعله المقاومون بالضفة حتى تنسحب دولة الاحتلال من الضفة كما انسحبت من غزة، وإقامة دولة فلسطينية دون اعتراف بشرعية الاحتلال على أي شبر من فلسطين، أي ان طرح أي خيار لحل القضية الفلسطينية يجب ألا يتضمن أي اعتراف بشرعية المحتل، والوطن لا يعني أراضي السلطة الفلسطينية، ولا يعني غزة والضفة بما فيها ما يسمونها "القدس الشرقية"، بل يعني يافا قبل رام الله وحيفا قبل غزة والمنطقة الغربية في القدس قبل المنطقة الشرقية.