فلسطين أون لاين

بعد 9 سنوات من الأزمة

تقرير عودة الحياة "ببطء" لمخيم اليرموك وسط قلة الدعم

...
صورة أرشيفية
دمشق-غزة/ نور الدين صالح:

عادت بعض العائلات الفلسطينية إلى مخيم اليرموك للاجئين الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق، تنفض الغبار عن ما تبقى من منازلها المدمرة بفعل الأزمة الطاحنة.

رائحة الفقد والدمار لم تختفِ بعد، فهناك عشرات العائلات التي فقدت أبناءها وذويها، وآخرون دُمرت بيوتهم بالكامل واختفت معالمها حتى أصبحت كومة من الحجارة المتراكمة فوق بعضها بعضًا، وشوارع دُمِّرت، وشبكات صرف صحي "مُنهارة" مع انقطاع للمياه والكهرباء، وجميعها أبسط مقومات الحياة الكريمة.

لكن هذه السنوات لم تمحُ الأمل من ذاكرة اللاجئين، فقد عادت حوالي 1300 عائلة فلسطينية إلى مخيم اليرموك، بعدما أخذوا على عاتقهم إزالة الركام من بعض الشوارع الرئيسة وإعادة فتحها، وإجراء إصلاحات طفيفة في منازلهم.

يقول عضو لجنة الإشراف على مشروع تأهيل مخيم اليرموك م. محمود الخالد: إن الأهالي بدؤوا يعودون إلى المخيم، لكن بصورة بطيئة، لافتًا إلى أن غالبية العائلات تنتظر الانتهاء من إزالة الأنقاض بالكامل.

وأوضح الخالد في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن ترميم المخيم يحتاج إلى وقت طويل، بسبب نسبة الدمار الكبيرة التي خلفتها الأزمة على مدار سنواتها التسع، مبيّنًا أنه أُزيل حوالي 90% من الركام المنتشر في أرجاء المخيم.

وبيّن أن المشكلة الكبرى هي إعادة ترميم البنية التحتية التي تعرضت إلى دمار كامل، مشيرًا إلى أنها تواجه عائق عدم توفر الأموال اللازمة للبدء الفعلي في المشروع، "وهذا يحتاج إلى وقت طويل"، منبهًا في الوقت ذاته، إلى أنه جرى إنارة بعض الشوارع بالطاقة الشمسية.

وأفاد بأنه بعد الانتهاء من مشروع ترحيل الأنقاض، سيتم استكمال مشروع ترميم الصرف الصحي ومياه الشرب بالتنسيق مع الجهات المختصة، والذي جرى إنهاء المرحلة الأولى منه، ويجري التخطيط للمرحلتين الثانية والثالثة.

ووصف عملية ترميم البيوت بأنها "بطيئة جدًّا"، بسبب الضائقة المالية التي يعانيها اللاجئون طيلة سنوات الأزمة، لافتًا إلى أن بعض العائلات بدأت الترميم على نفقتها الخاصة، بطرق بدائية وبسيطة.

وانتقد دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، والتي لم تقدم أي مساعدات للاجئين حتى الآن، سواء نقدية أو إعادة الترميم، علمًا أن المخيم يضم 32 منشأة تابعة لها، منبهًا إلى أنها بدأت في "ترميم نقطة طبية" فقط لتقديم العلاج للاجئين.

وبحسب الخالد، فإنه جرى التواصل مع إدارة الوكالة، لكن الأخيرة تذرعت بوجود ضائقة مالية، مضيفًا: "هذه أعذار غير مقبولة، وباستطاعتها تأمين تمويل على الأقل لمشاريعها في المخيم".

دعم محدود

وأفاد مسؤول الإعلام المركزي للجبهة الديمقراطية في سوريا معتصم حمادة الذي كان يقطن في مخيم اليرموك، وقد دُمر منزله كاملًا، عام 2012، بأن ما نسبته 60% من الأبنية المدمرة يُمكن ترميمها، في حين تحتاج الـ40% المتبقية إلى إعادة بناء من جديد.

وأوضح حمادة خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أنه أزيل الركام من الشوارع الرئيسة، وهو ما جعلها صالحة للحركة دون أي عوائق، في حين دأبت العائلات الفلسطينية على إزالة الركام من الشوارع الداخلية للمخيم، وبعض البيوت المدمرة كليًّا.

وبيَّن أن المخيم يفتقد إلى البنية التحتية لكونها دُمرت بالكامل خلال أحداث الأزمة، "لذلك فإن العائلات الفلسطينية تحتاج إلى توفير المياه والكهرباء والمدارس وفتح الأفران والعيادات الطبية، وهذه أبسط مقومات الحياة الكريمة"، وفق قوله.

وأشار إلى وجود تحركات جادة في الوقت الحالي، إذ إنه جرى إدخال الكهرباء والمياه على بعض الأحياء، ووصل خطوط للهواتف والإنترنت في أحياء أخرى.

وشدد على أن "نقص الأموال والدعم اللازم يشكل عائقًا كبيرًا أمام إعادة ترميم المخيم"، لافتًا إلى أن الدعم المقدم من منظمة التحرير و"أونروا" محدود جدًّا، "لا يُذكر".

ولفت إلى أن الجبهة أعادت فتح مقرها في مخيم اليرموك.

وبحسب حمادة، فإنه يُمنع دخول كل وسائل النقل مثل الباصات باستثناء بعض السيارات المخصصة فقط، قائلًا: "ما زالت الرحلة طويلة وشاقة، في ظل عدم توفر الأموال".

وأوضح أن خدمات أونروا تقتصر على نقل طلبة المخيم عبر باص صغير إلى مدارسهم في حي التضامن الذي يبعد حوالي 500 متر عن "اليرموك"، مبيّنًا أنهم يعكفون على التواصل مع الدول المانحة لمعالجة كل معاناة اللاجئين وإيجاد سُبل حلها.

ويعد مخيم اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، وكان يعيش فيه قبل اندلاع الأزمة 160 ألف شخص بينهم سوريون، لكن الأزمة، التي وصلته في عام 2012 أجبرت أهله على النزوح داخل سوريا وخارجها.