دعا مراقبون اقتصاديون المؤسسات المالية والمصرفية إلى زيادة حصة المشاريع الإنتاجية في التسهيلات الائتمانية، لدورها المحوري في خفض معدلات الفقر والبطالة وزيادة الناتج الإجمالي، منبهين إلى أن الاستمرار في تعاظم القروض الاستهلاكية لا يحقق جدوى اقتصادية على المدى البعيد.
يأتي ذلك في أعقاب بيانات مصرفية أظهرت أن القروض الاستهلاكية خلال الربع الثالث من العام الجاري، نمت بنسبة (3.3) بالمئة لتصل إلى قرابة (1.397) مليار دولار مقارنة بالربع الثاني.
وتمنح القروض الاستهلاكية بغرض شراء السلع الاستهلاكية، مثل شراء مركبات، وأجهزة كهربائية، وليس قرضاً بغرض الاستثمار.
وأوضح الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن هناك ارتباطًا قويًا بين زيادة التسهيلات الائتمانية وزيادة إجمالي الناتج المحلي، خاصة وأن البنوك استطاعت على مدار السنوات الماضية من استقطاب الودائع، مبيناً أن القطاع المصرفي من القطاعات المؤثرة في الاقتصاديات الحديثة ويسهم في تكوين القيمة المضافة الاجمالية.
وبشأن زيادة التوسع في القروض الاستهلاكية بين دراغمة، أن التوسع بدأ في العام 2007، حينما كان سلام فياض رئيسًا لحكومة رام الله، وكان ينفذ خطة بتعليمات من البنك الدولي، أسهمت في إضعاف الاقتصاد الفلسطيني.
وتابع القول:" فياض أعطى تعليماته لسلطة النقد، بأن تتوسع البنوك في القروض الاستهلاكية الممنوحة للعملاء خاصة فئة الموظفين، وذلك بهدف جعل الموظف مديونًا للبنوك".
وأضاف دراغمة في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن ما فعله فياض، كان مخططًا ومدروسًا، لأن تقييد منح القروض والمرابحات للمشاريع الإنتاجية والاستثمارية الهدف منه إبقاء الاقتصاد الفلسطيني هش وتابع للاقتصاد الإسرائيلي.
وأشار إلى أن قرارات عدة صدرت عن سلطة النقد لم تلتزم بها المصارف، أهمها وقف أو تأجيل الخصومات عن الموظفين، وأن هذا التجاهل جعل سلطة النقد غير فعلية.
إعادة رسم النظام المالي
وإزاء ذلك يدعو دراغمة السلطة في رام الله، لإعادة رسم سياسة النظام المالي الفلسطيني، بحيث تأخذ التسهيلات الائتمانية للاستثمار والإنتاج الأولوية والصدارة.
بدوره أكد الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب، أهمية منح القروض والمرابحات الإنتاجية لأصحاب المشاريع الصغيرة وفئة الشباب المتعطلين عن العمل، ورجال الأعمال والتجار بهدف تنشيط عجلة الاقتصاد والحد من معدلات الفقر والبطالة.
وأشار رجب خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أهمية توجيه التسهيلات نحو الاستثمار في القطاعات الزراعية، والصناعية، والتجارية وغيرها من الحقول التي تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.
وشدد على أن للمصارف دورًا كبيرًا ومحوريًا في تعزيز ورفع معدل النمو الاقتصادي الفلسطيني، وتحقيق سبل التنمية المستدامة من جهة، وإعادة استثمار وتوظيف الودائع داخلية بما يحقق الكفاءة المطلوبة من الجهة الأخرى.
وبين رجب أن البنوك ليس لديها مشكلة في توفر المال للإقراض الإنتاجي، لكن الذي يحجمها عن ذلك هو عنصر المخاطر وحالة عدم الاستقرار في فلسطين ومعيقات الاحتلال الإسرائيلي، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن البنوك ينبغي عليها أن توجه دعمها نحو المجتمع بدلًا من استثمار أموالها في الخارج.
وحث رجب المصارف على أن تتعامل مع قطاع غزة كما الضفة الغربية من حيث توسيع التسهيلات الائتمانية واطالة فترات التسديد وتخفيض معدلات الفائدة، لاسيما وأن القطاع يتعرض لحصار إسرائيلي منذ 15 عاماً، ولعدة حروب تسببت في إنهاك اقتصاده، وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
وحسب بيانات سلطة النقد، يعمل في السوق المصرفية الفلسطينية نحو 14 مصرفا محليا ووافداً بواقع 7 بنوك محلية و7 بنوك وافدة منها 6 بنوك أردنية وبنك مصري واحد، إضافة إلى مصرفين في قطاع غزة هما البنك الوطني الإسلامي وبنك الإنتاج.