خالد مشعل، أبو الوليد في لبنان. لماذا هو في لبنان؟! الإجابة تكمن في الساحة اللبنانية، وبالذات في مخيم البرج الشمالي للاجئين. في هذا المكان اعتدى رجال من فتح على جنازة (شاهين)، فقتلوا وأصابوا آخرين، دون مبرر. حدة التوتر ارتفعت بعد جريمة الاعتداء على الجنازة. جميع الأطراف في المخيم استنفرت أعضاءها. الحكومة اللبنانية شعرت بقلق، وحاصرت المخيم، وتواصلت مع جميع الأطراف تحثها على الحكمة والصبر، وتسليم قضية القتلة للقضاء اللبناني.
خالد مشعل يدرك بفهمه وتجربته تعقيدات الساحة اللبنانية، والأخطار التي تلفها وتلف المخيمات فيها، ويدرك واقع الحياة السياسية المتدهورة في لبنان، والحصار المضروب على الساحة اللبنانية، وتراجع الاقتصاد والليرة اللبنانية، ويدرك حجم تربص دولة الاحتلال بلبنان والكيد له، ولمكوناته السياسية لإخضاعه للتطبيع.
الرجل بادر بزيارة عاجلة لنزع فتيل التوتر بين الأطراف الفلسطينية في المخيم، ولتطمين القيادة اللبنانية والتعاون معها لإيجاد حل مناسب لما حدث في البرج الشمالي، ويبدو أن زيارته قد حققت النجاح المستهدف، إضافة إلى تركيزه على الجملة السياسية القائلة بأن الفلسطينيين ضيوف على لبنان، لحين عودتهم، وأنهم يلتزمون القوانين والتعليمات الحكومية اللبنانية، وهم ضد التوطين، وضد الوطن البديل.
الزيارة فيما يبدو كانت ناجحة وجيدة، ويكتمل النجاح بأمرين أن يتسلم القضاء اللبناني القتلة، لمحاكمتهم محاكمة عادلة تمنع تكرر مثل هذه الجريمة. والثاني يجدر بحركة فتح في لبنان التوجه لعوائل المغدورين ومواساتهم والتخفيف من آلامهم، ومساعدة سكان المخيم على الاستقرار من خلال رفع الغطاء التنظيمي عن القتلة.
في الختام أقول: الساحة الفلسطينية في لبنان لا تحتمل الخلافات ولا استخدام السلاح، والساحة اللبنانية يكفيها ما فيها من أزمات داخلية، وتربصات خارجية، والحكومة فيها مثقلة بأعباء ثقيلة، وليس لديها وسع لتحمل صراع فلسطيني فلسطيني على أرضها. والحكماء في الطرفين يملكون الحل، وعليهم واجب المعالجة السريعة، وتضميد الجراح.