فلسطين أون لاين

وجوده إلى جانب المقاومة شكل دعمًا معنويًا وعسكريًا

تقرير الشهيد "الزواري".. نموذج نضال عربي ضحى من أجل فلسطين

...
غزة/ أدهم الشريف:

صادفت، أمس، الذكرى الخامسة لاغتيال المهندس محمد الزواري أحد قادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في مدينة صفاقس التونسية.

ويعدّ الزواري أحد أبرز الشخصيات العربية التي ساهمت في تطوير القدرات العسكرية للمقاومة، وخاصة في مجال الطائرات المسيرة بدون طيار، والتي أعلنت عنها القسام واستخدمتها لأول مرة خلال معركة "العصف المأكول" صيف سنة 2014.

وتعدُّ حركة حماس الشهيد الزواري "طيار المقاومة وصانع أبابيلها، ملهم الشباب العربي، ومصحح مسارهم نحو القدس والقضية الفلسطينية، ورمز من رموزها، وقد اجتاز الحدود ليصنع لنفسه تاريخ البطولة والتضحية والفداء".

واغتالت (إسرائيل) الزواري في 15 ديسمبر/ كانون أول 2016، وتشير أصابع الاتهام بقوة إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الـ "موساد" الموكل تنفذ عمليات تخدم أمن الاحتلال خارج أراضي فلسطين.

النشأة والتكوين

وفي بيان نشرته حماس، أمس، على موقعها الالكتروني، أفادت أن الشهيد ولد في مدينة صفاقس التونسية في 28 يناير/ كانون الثاني 1967، وبدأ تعليمه بالمدرسة الابتدائية "بالي"، ثم التحق بمعهد الذكور الهادي شاكر ليتم تعليمه الثانوي. ولم يتسنَ له إكمال الدبلوم بسبب الملاحقات الأمنية، وبعد عودته لتونس أنهى تعليمه الجامعي بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، حيث درس فيها الهندسة الميكانيكية.

وخلال دراسته الجامعية، أشرف الزواري على العمل الإسلامي لحركة النهضة بمعاهد صفاقس، وكان عضوًا في قيادة الاتحاد العام التونسي للطلبة بصفاقس.

وتؤكد حماس أن الزواري التحق بصفوف جناحها العسكري عام 2006 في سوريا، وبعدها أصبح ركنًا أساسيًا لنجاح مشروع الطائرات بدون طيار عندما كان في مراحله الأولى، وشكل فيها دفعة كبيرة ونقلة نوعية للمشروع.

وأشرف الزواري مع أحد الضباط الكبار في الجيش العراقي على النموذج الأول لمشروع القسام للطائرات بدون طيار، والذي عرف باسم مشروع "الطائرة العراقية".

أظهر المشروع قدرات متقدِّمة وصلت حد القدرة على التصنيع والإطلاق، وحينما اندلعت معركة الفرقان عام 2008، كان الزواري قد أشرف على تصنيع 30 طائرة بدون طيار، لتمثل هذه المجموعة الثمرة المبكِّرة لمساعي القسام لتطوير طائرات بدون طيّار.

وبينت حماس في بيانها، أن المهندس الزواري زار غزة أكثر من 3 مرات في الفترة الواقعة بين 2012 إلى 2013، ومكث فيها قرابة 9 أشهر، واستكمل بناء مشروع الطائرات المسيرة وتطويرها.

أبابيل السماء

وأفضت مساعي الزواري وفريق القسام إلى تطوير طائرات بوظائف ومهام متعددة، كشفت المقاومة عن بعضها، منها: طائرة أبابيل، أول طائرة للقسام، أُطلقت عام 2014، وأُنتجت ثلاثة نماذج منها، وهي؛ الطائرة ذات المهام الاستطلاعية، الطائرة ذات المهام الهجومية "إلقاء"، الطائرة ذات المهام الهجومية "الانتحارية".

وبهذا تكون كتائب القسام صاحبة السبق العربي في صناعة الطائرات بدون طيار، ولم يقتصر الأمر على الصناعة، بل استخدمتها في تنفيذ مهمات استطلاعية وهجومية، وفق ما ورد في بيان حماس المنشور على موقعها.

ونفذت طائرات القسام في إحدى طلعاتها مهام محددة فوق مبنى وزارة "الحرب الصهيونية- الكرياه" في "تل أبيب" التي كان يقاد منها العدوان على غزة صيف 2014.

ولم يكتف الزواري بالتحليق في علمه وتصنيعه في السماء، فقرر أن يغوص في البحر ليخصص أبحاثه في تطوير غواصة يتم التحكم فيها عن بُعد، لتكون سلاحًا جديدًا في يد المقاومة، لكن شهادته حانت قبل أن يرى مشروعه الجديد النور.

وتؤكد حركة حماس أنه رغم رحيل الزواري إلا أنه "مثل نموذجًا جليًا لدور الشعوب العربية في مقاومة الاحتلال، وعبّد طريقها نحو فلسطين بدمائه ليُواصلوا طريقه حتى كنس الاحتلال عن أرضها وتطهير القدس من دنس المحتلين".

ويقول الخبير في الشؤون العسكرية اللواء متقاعد واصف عريقات، إن "الزواري أثبت انتمائه للقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، من خلال مساعدته للمقاومة على تصنيع سلاح جديد يتمثل بالطائرات المسيرة، وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست حكرًا على الفلسطينيين، وإنما على كل العرب والمسلمين وأحرار العالم، وهذه القيمة الأولى التي أضافها الشهيد".

الزواري.. فاز بامتياز

وأضاف عريقات لـ "فلسطين": "من الناحية العلمية والعسكرية، استطاع الزواري الفوز بامتياز في معركة العقول وصراع الأدمغة مع الاحتلال، وقدم تطورًا علميًا وتكنولوجيًا للمقاومة في وقت تقول فيه (إسرائيل) إنها تتفوق بتطورها عسكريًا وتقنيًا في منطقة الشرق الأوسط".

وبيَّن أن هذا التطور أدخل إلى إمكانيات القسام بغزة وأصبحت تمتلك طائرات حربية مسيرة في وقت عصيب وحصار مشدد وإمكانيات متواضعة.

وتابع، أن خبرات الزواري شكلت إنجازًا عظيمًا، وأضفت صناعة عسكرية جديدة وقدرات مميزة إلى المقاومة أثرت لاحقًا في معنويات الجبهة الإسرائيلية الداخلية، وأثبت لهم أن الفلسطينيين قادرين على تصنيع السلاح محليًا وتطوير آلياتهم القتالية في ظل ظروف معقدة وإمكانيات ضعيفة جدًا.

وأكد أن ذلك "يقلق القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بأن قادم الأيام سيحمل المزيد من هذا التطور الذي بدأ بقدرات الشهيد الزواري".

واستدرك "مع تسيير كل طائرة في سماء غزة أو الأراضي المحتلة، نتذكر هذا العمل العظيم الذي قام به الشهيد الزواري".

وأكمل: "وقوف هذا الرجل (الزواري) الكبير بتاريخه النضالي وانتمائه للقضية الفلسطينية وتضحيته وهو يعرف تمامًا أنه ذاهب إلى مشروع شهادة، إلى جانب المقاومة الفلسطينية شكل إضافة نوعية وتعزيزًا ميدانيًا وعلميًا ومعنويًا أيضًا؛ بأن هناك شخصية عربية تتواجد بين المقاومين الفلسطينيين لتشكل نموذجاً للتضحية من أجل فلسطين".