قبل الانطلاق في كتابة سلسلة من المقالات لمواجهة حالة سوء إدارة الرياضة الفلسطينية عامة وكرة القدم على وجه الخصوص، والتي انكشفت بشكل واضح لا لُبلس فيه عقب مشاركة المنتخب الوطني الأول لكرة القدم "الفدائي" في بطولة كأس العرب المُقامة في قطر، لا بُد من توضيح مهم للشارع الرياضي عامة، وللمهتمين بالمنتخب الوطني على وجه الخصوص، تحسباً من حرف البوصلة وقيام المتنفذين والمتسببين في سوء الإدارة الرياضية بإبعاد الأعين عن الأزمة الأساسية وإلهاء الشارع بالمناكفات فيما يقفون هم متفرجين على المعركة التي يخوضها عنهم بالنيابة مجموعة "السحيجة" وبين أصحاب الرأي.
التوضيح المهم هو أن الخروج من كأس العرب ليس أزمة ولا مشكلة ولا "مُصيبة" كما يُحاول البعض إقناع الشارع بأن الإعلام يشن هجوماً على المنتخب، والحقيقة أن توقعاتي وتوقعات الشارع الرياضي قبل المشاركة في البطولة لم تضع المنتخب الوطني ضمن قائمة المرشحين لا للفوز باللقب ولا للتأهل لدور الثمانية، وهذا كان مبنياً على عدة أمور أبرزها فارق المستوى بين منتخبنا ومنتخبات المغرب والسعودية والأردن، وسقف طموحنا الطبيعي، وانتظار حدوث مفاجآت.
المفاجأة كانت أن منتخبي السعودية والأردن لم يكونا بالمستوى المعهود، وكان بإمكان "الفدائي" أن يُحقق المفاجأة ولكنه لم يستطع، وهنا فتحنا أبواب التساؤل لماذا لم يستطع المنتخب تحقيق المفاجأة التي أقرب إليها وإلى التأهل لدور الثمانية؟، فكانت الإجابة التي كنا نعلمها مسبقاً وهي أنه لو كنا قد خططنا للمنتخبات الوطنية وكيفية بنائها من القواعد وقطاعات الناشئين، ولو كنا بنينا كادراً فنياً وإدارياً ويقود الدفة الفنية والإدارية في المنتخبات لكنا قد حققنا مزيد من خطوات التقدم إلى الأمام ولكنا اكسبنا لاعبينا الخبرة وأسسناهم بديناً.
ناهيك عن أنه لو كان لدينا خبير فني للتخطيط الفني للكرة الفلسطينية ومنتخباتها، وبالتالي التعاقد مع مدراء فنيين عرب وأجانب ومحليين لقيادة المنتخبات الوطنية المختلفة، بدلاً من أن اللجوء إلى تكليف مدربين عربيين شقيقين يعملان في مجالي اللياقة البدنية وتدريب حراس المرمى لقيادة المنتخب على مدار السنوات الأربع الماضية.
ولو كان لدينا في هذا البطولة مدير فني عربي أو أجنبي أو حتى محلي، على قدر من الخبرة والحنكة والكفاءة، لتمكنا من الفوز بسهولة على السعودية والأردن، ولما خسرنا برباعية أمام المغرب.
وبالتالي أزمة الكرة الفلسطينية ليست في حارس مرمى أخطأ، وليست في مهاجم أهدر هدفاً لا يضيع، الأزمة تتمثل في أن اتحاد الكرة تعامل مع الكرة الفلسطينية منذ 13 عاماً بنظام الملكية لقائد الحركة الرياضية، وبطريقة ستكشف لكم الأيام أنهنا طريقة عبثية، وليس كما أراد أحد الإعلاميين تغيير اتجاه أسهم النقد البناء إلى الضحية وهم الذين تم تكليفهم بقيادة المنتخبات.
إعلام منبطح
فقد تكفل بعض الإعلاميين أو كتبة الأعمدة في الصحف الفلسطينية بمهمة تجميل الصورة والتخفيف من حدة النقد الموجه لاتحاد كرة القدم، واختزل أزمة الكرة الفلسطينية في عنصرين، عدم وجود متخصصين في اللياقة البدنية، والثاني عدم وجود مختصين في تدريب حراس المرمى.
ونسي كاتب العمود أن هذا الاختزال لن ينطوي إلا على السطحيين في المتابعة والتحليل، ونسى أيضاً أن كل الشعب الفلسطيني يعلم أن ردود الفعل على خروج المنتخب الفلسطيني من كأس العرب تركز على الخلل الكبير الذي ارتكبه اتحاد كرة القدم منذ عدة سنوات بعدم التعاقد مع مدربين ذو كفاءة وتاريخ للقيام بتدريب المنتخبات الوطنية.
إن مثل هذا الاختزال وهذا التبرير المبطن، الهدف منه إخراج اتحاد كرة القدم ورئيسه من دائرة الاتهام بالمسؤولية الكاملة فنياً وإدارياً ومالياً عن ما وصل إليه حال الكرة الفلسطينية ومنتخباتها الأربعة التي اختلت المركز الأخير في مجموعاتها سواء المنتخب الوطني في كأس العرب، والمنتخب الأولمبي في بطولة غرب آسيا في السعودية، ومنتخب الشباب في بطولة غرب آسيا بالعراق، وأخيراً منتخب الناشئين في بطولة غرب آسيا بالسعودية.
إن هذا السلوك لهو بمثابة الاستخفاف بعقول الشارع الفلسطيني، ومحاولة لتضليله وتجهيله، ونحن سنقوم بإيضاح الحقيقة من خلال سلسلة مقالات ستبدأ غداً.