فلسطين أون لاين

الحصار والبطالة تدفعان بآلاف الشباب نحو التطوع المؤسساتي

تقرير العمل التطوعي بغزة.. مبادرات لامست هموم الناس وحققت أثرًا مجتمعيًّا

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

كانت الأفكار تتزاحم بداخل الرسامة العشرينية عطاف النجيلي، التي استقرت عند رسم الفرح على أولئك الأطفال الذين لا يخرجون من مناطقهم، تلقائيًّا كتبت منشورًا على صفحتها على "فيسبوك" تخبر فيه عزمها تنفيذ مبادرة "ألوان" التطوعية، فكانت الاستجابة من الفنانين الذين تطوعوا للمشاركة أكبر مما توقعت.

في ساحةِ المتنزه بمدينة خان يونس، اصطف نحو تسعين طفلًا يرتدون ملابس العيد أمام عطاف التي بدأت في تزيين وجوه الأطفال برسومات لشخصيات كرتونية محببة لديهم تغمرهم فرحة عارمة، فمع بساطة المبادرة فإنها تركت أثرًا لدى الأطفال.

ويحتفل العالم في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام باليوم العالمي للتطوع، إذ قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اختيار هذا التاريخ كيوم للتطوع في 17 ديسمبر/كانون الأول من عام 1985.

مبادرة لون

تقول عطاف: إن أدوات الرسم والألوان التي اشترتها بجهود المتطوعين لا تقارن بردة فعل جميلة رسمت على وجوه الأطفال، وهذا ما يشعرها بالرضا والسعادة خاصة أنها تحفز الأطفال إلى التطوع عندما يكبرون.

وبالمبادرات التطوعية التي شاركت فيها عطاف، سلط الضوء على الفئات المهمشة، وأخرى ذات طابع بيئي كزراعة الأشجار وتنظيف شاطئ البحر.

ومن واقع تجربتها ترى أن العمل التطوعي في قطاع غزة ينمي مهارة ويكسب خبرة في التعامل مع الأشخاص لكن الجانب السلبي فيها أنها تنظم برامج بعيدة عن اهتمام الشباب.

وتشير إلى أن الظروف الصعبة والحصار تدفع بآلاف الشباب إلى العمل التطوعي لتطوير قدراتهم واكتساب مهارات تطبيقية، "وهي محاولة جادة منهم لإيجاد فرصة عمل، لكن الكثير منهم يمضون سنوات طويلة في المؤسسة ذاتها دون الحصول على فرصة توظيف".

حق مهضوم

إبراهيم أبو مرسة عمل مراسلًا إذاعيًّا للعديد من الإذاعات ومصورًا لمؤسسات خاصة تطوع فيها لسنوات عدة. يقول لصحيفة "فلسطين": "بداية التطوع جميلة تكتسب من خلالها خبرات وعلاقات مع الناس، لكن في النهاية حق المتطوع مهضومًا، لا يحصل على التقدير مقابل التطوع والخدمة التي قدمها، ما يجعلك تكره التطوع".

ويلفت إلى تعرضه للاستغلال في سنوات طويلة أمضاها في التطوع، يتمم وفي صوته غصة: "تخيل أن تمضي سبع سنوات في التطوع وفي النهاية يأتي شخص جديد يحصل على وظيفة ثابتة".

فك الغارمين

في وقتٍ كانت سجون مراكز الشرطة تعج بنحو ألف مديون موقوفين على ذمم مالية زهيدة تقدر بنحو 500 شيقل، أطلق الكاتب والناشط د. فهمي شراب مبادرة لفك الغارمين.

كان التفاعل مع مبادرته على صفحة الشخصية على موقع "فيسبوك" كبيرًا، فعلى مدار العام الماضي جاب شراب 20 مركز توقيف داخل المراكز الشرطية في قطاع غزة، واستطاع إنهاء حجز 1500 غارم، وفي هذا العام استطاع مساعدة ألف آخرين.

يقول شراب لصحيفة "فلسطين" عن دوافعه نحو العمل التطوعي: "لم أتجه للعمل التطوعي الإغاثي بقرار مني، بل فرضت الظروف نفسها على كل إنسان قادر على أن يرسم السعادة على وجوه بعض الأسر المتضررة من الحصار وفقدت وظائفها، ثم انتقلت للمشاريع التشغيلية التي تنقل الإنسان من طلب الحاجة وذل السؤال إلى العمل الشريف والكريم".

إضافة لذلك، نفذ مبادرة لتوفير 165 عربة للمتعطلين عن العمل، وكذلك مبادرة توفير 100 آلة خياطة للأسر التي كانت تمتهن الخياطة وفقدت الآلات، مردفًا: "العمل التطوعي متعب لكون عدد المحتاجين في تزايد، خاصة أن الإمكانات متواضعة".

فكر بغيرك

عام 2012، بدأ المبادر المجتمعي الشاب كامل الهيقي حملته "فكر بغيرك" على مستوى محدود وبإمكانات بسيطة، تجمع حوله بعض الأفراد لتقديم مساعدات للأسر المتعففة، وكان "الثواب الإلهي وجبر الخواطر" دافعًا له للاستمرار.

لكن زخم المبادرة بدأ في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة عام 2014م، إذ يقول الهيقي لصحيفة "فلسطين": "قدمنا خلالها رعاية للنازحين من طعام وملبس ومأكل ومسكن في المستشفيات للنازحين؛ ثم بدأنا تنفيذ مشاريع كسوة ملابس وقضاء حاجات أسر فقيرة وبناء بيوت".

وأضاف: "العمل التطوعي سمة إيجابية في خدمة المجتمع يحتاج إلى إيجاد جهات تطوعية داعمة بحيث تحتسب ساعات التطوع بأجر أو يكون مقابلها ساعات دراسية".

أمضى الهيقي عشر سنوات في العمل التطوعي انضم للمبادرات التي نظمها، كما يذكر، نحو ألف متطوع منهم من تنفيذ مبادرات أخرى، لافتًا إلى أن العمل التطوعي منحه مكانة مجتمعية، وأصبح للمبادرات التطوعية دور مجتمعي أساسي ترك أثرًا على حياة الفقراء والأيتام والمساكين.