بخلاف ما تنادي به الحركة العالمية لمقاطعة (إسرائيل) وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها "BDS"، جاءت مشاركة مستشار رئيس السلطة محمود عباس، ومسؤول العلاقات الدولية في حركة فتح د. نبيل شعث، في مؤتمر "هرتسيليا" الإسرائيلي الـ17 للدراسات السياسية والاستراتيجية.
ويقول الناشط في حركة المقاطعة، عادل البربار لصحيفة "فلسطين"، إنه لا يخفى على أحد أن مؤتمر هرتسيليا هو أهم مؤتمر أمني استراتيجي تعقده "(إسرائيل) العنصرية وتتم فيه مناقشة كل ما يتعلق بالكيان الصهيوني من دراسات وآفاق المستقبل ومراجعة للمسيرة، ويشارك فيه كل قادة الكيان المدنيين والسياسيين والعسكريين".
ويصف البربار هذا المؤتمر بأنه "أخطر مؤتمر يعقد كل عام في الكيان الصهيوني ليتم فيه طرح الأفكار والاستراتيجيات وكيفية مواجهة القضية الفلسطينية، بمعنى أن كل شيء في هذا المؤتمر هو ضد الشعب الفلسطيني".
ويوضح أنه من الطبيعي بالنسبة لسلطات الاحتلال عقد هذا المؤتمر، "لكن الذي لا يصدق ولا يستوعب ولا يمكنه وصفه مشاركة عرب وخاصة فلسطينيين في هذا المؤتمر".
ويتابع: "عدوك الصهيوني يعقد مؤتمرا يحاربك ويقوي نفسه ويقضي على قضيتك وشعبك ويحاصر غزة وأنت تشارك في هذا المؤتمر.. هذا لا يمكن تصديقه"؛ في إشارة إلى شعث.
ويبين أن المشاركة في مؤتمر هرتسيليا "هو الشكل الأوقح من التطبيع الذي تقوم به سلطة أوسلو مع الكيان الصهيوني".
وعن تأثير هذه المشاركة في مؤتمر هرتسيليا على حركة المقاطعة، يقول البربار إن الأخيرة تعول على الشعوب العربية وعلى كل شركائها في العالم لدعمها، منوها إلى أن المقاطعة تحقق نجاحات متتالية وإنجازات يومية.
لكنه يصف مشاركة شعث بالمؤتمر بأنها "معيبة"، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تطالب فيه "BDS" العالم بمقاطعة (إسرائيل) تأتي هذه المشاركة ممن يفترض أنها قيادة حركة تحرر تابعة للشعب الفلسطيني، لكنها تقف على "رأس التطبيع مع الكيان الصهيوني".
ويرى أن السلطة وقيادتها "ربطت مصيرها بمصير الاحتلال"، لكنه يؤكد أن ذلك لن يثني حركة المقاطعة عن الاستمرار ومراكمة الإنجازات والمضي قدما في ملاحقة (إسرائيل) لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المقرة حسب القانون الدولي.
وردا على سؤال حول رواية السلطة التي اعتادت الزعم أن هذه اللقاءات لإيصال الصوت الفلسطيني، يجيب البربار: "هذا الكلام نسمعه منذ 24 سنة"، واصفا هذا المبرر الذي تسوقه السلطة بأنه "ادعاءات".
ويوضح أن "الرواية الفلسطينية لا تنقل في أهم مؤتمر صهيوني لتقوية الكيان الصهيوني"، مردفا: "حركة المقاطعة العالمية تقودها اللجنة الوطنية الفلسطينية التي وضعت في أول مؤتمر لها تعريفا للتطبيع ومعايير".
وينوه إلى أن هذه المعايير تحظى بإجماع كل ألوان الطيف الفلسطيني من فصائل ومؤسسات المجتمع المدني ومن كل القوى المشاركة في اللجنة الوطنية.
ويلفت إلى أن هذه المعايير تمنع بشكل تام لقاء أي جهة فلسطينية مع أي جهة إسرائيلية إلا إذا كانت توفر لها بعض الشروط، ومنها اعتراف هذه الجهة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كاملة، ومقاومة كل الأفعال العنصرية الإسرائيلية، وهذا التعريف لا ينطبق على مشاركة شعث في مؤتمر هرتسيليا.
ويشدد البربار على أن هذه المشاركة من القيادي الفتحاوي في المؤتمر، "تطبيع فاضح يشكل ضربة وخنجرا مسموما في ظهر الشعب الفلسطيني".
من جهتها، تقول النائب عن حركة "فتح"، في المجلس التشريعي، نجاة أبو بكر، إنها على صعيدها الشخصي ليست مستعدة للمشاركة بمؤتمر هرتسيليا ومثله من المؤتمرات، إلا إذا كانت هناك شروط لتسوية حقيقية وما يفضي لمكاسب وليس لأجل إدارة علاقات عامة، وفق وصفها.
وتضيف أبو بكر لصحيفة "فلسطين"، أن مشاركة جهات رسمية فلسطينية في هذه المؤتمرات ليست جديدة، مبينة أن ذلك "جزء من الحالة السياسية الفلسطينية".
وتثير مواقف السلطة غضبا وطنيا عارما على صعيد التطبيع مع سلطات الاحتلال، ومن ذلك مشاركة عباس في جنازة مجرم الحرب الإسرائيلي شمعون بيريس في 30 سبتمبر/أيلول 2016.